اما الأول فللزوم خروج مسائل حجية الخبر والشهرة والظواهر (٩).
______________________________________________________
الإنسان عالما يصح أن يقال : «الإنسان عالم» ولا يصح ان يقال : «الإنسان ليس بعالم» وان صح أن يقال : «الإنسان جاهل» باعتبار فرد آخر منه ، وأما طبيعة الجامع من حيث هي طبيعة الجامع فلم تكن موضوعا في مسألة من مسائل العلوم ، فان الصلاة في الفقه بما هي صلاة واجبة لا بما هي فعل المكلف ، وكذا الفاعل في النحو بما هو فاعل مرفوع لا بما هو كلمة وأمثال ذلك ، فالموضوع في الحقيقة اشخاص تلك الموضوعات ، والإسناد إلى ذلك الجامع أو الإشارة به إلى ذلك انما هو لتسهيل الأمر.
وان لم يكن بينهما جامع ذاتي معلوم فنعبّر عنه بجامع عرضي ، ولو بعنوان أنه : «ما يبحث في العلم عن عوارضه الذاتيّة» كما يعرّفون موضوع كل علم بذلك.
والمراد بالعرض الذاتي في المقام ما يعرض الشيء بلا واسطة في العروض ـ كما في الكفاية ـ وان لم يكن ذاتيا باصطلاح المنطق أو المعقول ، لأن الوجوب للصلاة ما يعرض فعل المكلف لذاته ، كإدراك الكليات العارض للناطق ، لا لجزئه المساوي أو الأعم منه كالإدراك العارض للإنسان بتوسط الناطق ، أو التحرك بالإرادة العارض له بتوسط الحيوان ، ولا لأمر مساو له كالضحك العارض للإنسان بواسطة التعجب ، بل أمر مجعول من قبل الشارع يعرضه من جهة أمر خارج أخص ، وهو كونه ذا مصلحة ملزمة ، وقس على ذلك حجية خبر الواحد في الأصول ، وغير ذلك من موضوعات مسائل العلوم.
وحيث علم عدم الدخل للجامع في الموضوعية ، يعلم عدم لزوم العلم بعنوان الجامع لو قلنا بتحققه قطعا ، لاشتراك جميع القضايا في تحصيل غرض خاص باعث على تدوين العلم ، مع تسليم أن الواحد لا يصدر إلّا من الواحد ، بل لا نحتاج إلى العنوان المذكور. ومن ذلك يعلم عدم لزوم الالتزام بأن موضوع علم الأصول هي الأدلة بعنوانها أو ذاتها حتى يورد عليه ما أورد.
(٩) وذلك لوضوح أن البحث عن الحجية بحث عن إثبات عنوان الدليل لا عن عوارضه ، فيدخل في المبادي ، وكذا يلزم عليه خروج الأصول العمليّة أيضا ، لأن