ضرورة أنه لو كان باقيا بعد فرض حصول متعلقه لزم طلب الحاصل ، وهو محال. ولا فرق في ذلك بين الواجبات التعبدية والتوصلية.
وما قد يتوهم في التعبديات : من أنه قد يؤتى بالواجب بجميع ما اعتبر فيه ، ومع ذلك لم يسقط الأمر ، لفقد التقرب الّذي اعتبر في الغرض ، فهو بمعزل عن الصواب ، لما ذكرنا من استحالة بقاء الأمر مع وجود عين ما اقتضاه في الخارج. وأما وجوب الإتيان ثانيا في التعبديات لو أخل بقصد القربة ، فاما من جهة اعتبار ذلك في المأمور به ، وإما من جهة تعلق الأمر بالإتيان بالفعل ثانيا ، بعد سقوط الأمر الأول ، لعدم حصول الغرض الأصلي. وستطلع على تفصيل ذلك عند البحث عن وجوب مقدمة الواجب إن شاء الله.
والحاصل ان الأمر إذا أتى بما اقتضاه بجميع ما اعتبر فيه لا اقتضاء له ثانيا. نعم يتصور امر آخر يتعلق بإيجاد الفعل ثانيا. وهذا غير عدم الاجزاء عن الأمر الأول. ولعمري إن هذا من الوضوح بمكان. وكذا لا فرق فيما ذكرنا بين الأوامر المتعلقة بالعناوين الأولية ، وبين الأوامر الملحوظ فيها الحالات الطارية ، من قبيل العجز والاضطرار والشك وأمثال ذلك ، لوجود الملاك الّذي ذكرنا في الجميع. وانما الإشكال
______________________________________________________
قابلا للتكرار ، فقيد الناقضية أيضا قيد يدفعه الإطلاق ، وتمام الكلام مع بيان الثمرة في باب تداخل الأسباب ـ إن شاء الله تعالى ـ إذ لا ثمرة بين القولين في ما لم تكن أسباب متعددة ويكتفى بالمرة في الامتثال ، نعم بناء على الناقضية لا يعقل التكرار ، وبناء على عدمها يعقل التكرار لكن لا مقتضى له ، لأن الأمر الأول لم يكن الا مقتضيا لأصل الطبيعة وقد تحققت ولا امر آخر بالفرض.