.................................................................................................
______________________________________________________
وعلى هذا يكون باب الإيجاب والندب باب الزائد والناقص ، وقضية مقدمات الحكمة عند تردد المجعول بين الزائد والناقص تعين الناقص ، لكونه أخف مئونة وهو الوجوب.
واما ما يقال : من ان الفرق بينهما بالشدة والضعف وان الوجوب عبارة عن إرادة شديدة متعلقة بالفعل فتحتاج إلى بيان حد الشدة ، سواء قلنا بأن الندب أيضا يحتاج إلى بيان حدّ الضعف أو قلنا بعدم احتياجه ، لعدم احتياج عدم القوة إلى مئونة زائدة حتى ينتج عدم كون الوجوب أخف مئونة.
فمدفوع : بأن الحالة النفسانيّة على ما ذكرنا أمرها دائر بين الوجود والعدم ، ولا نتعقّل فيها الضعف والشدة ، فان من يتصور فعلا ويعلم منافعه ومضاره فإمّا أن يكون الجزم والتصميم والبناء على إتيانه أو إتيان عبده موجودا في نفسه أو لا يكون ، ويمكن ان يكون في نفسه تصميم ضعيف تارة وقوي أخرى ، نعم الشدة والضعف يتصور في الداعي الباعث لهذا البناء والتصميم ، وهو المصلحة الموجودة في الفعل ، وهذا الاختلاف في الدواعي فارق بين الإرادة التي لا يزيلها بعض الموانع الضعيفة والإرادة التي يزيلها ، فلا تكون الشدة والضعف في نفس الحالة الموجودة.
وما ذكرنا من انتزاع الوجوب عن إظهار الإرادة بدون الاذن في الترك والندب منه مع الاذن ، لا فرق فيه بين أحكام الموالي العرفية وأحكام الله ـ تبارك وتعالى ـ سواء قلنا بانقداح الإرادة فيها في نفس النبي والولي ، واحداث تلك الحالة النفسانيّة لهما عليهماالسلام أم لا ، لأن اختلاف الإرادة فيهما ذاتا لا يوجب اختلاف المظهر ، فان إظهار الإرادة منه ـ تبارك وتعالى ـ بلا اذن منه في الترك منشأ لانتزاع الوجوب ، وموضوع لحكم العقل بوجوب الإطاعة واستحقاق العقاب بالمخالفة ، ومع الاذن في الترك منشأ لانتزاع الندب وموضوع لحكم العقل برجحان الفعل مع الترخيص في الترك ، وذلك لعدم اختصاص الشرع بلسان غير لسان أهل العرف في مقام إظهار مراداتهم وافهام مقاصدهم ، بل أحكم طريقتهم