معناه أن الله ليس بمكره على الجزاء بل يفعل ما يشاء بمن يشاء كما يشاء وقوله : (أَفَغَيْرَ دِينِ اللهِ يَبْغُونَ) إلى قوله : (طَوْعاً وَكَرْهاً) قيل معناه أسلم من فى السموات طوعا ومن فى الأرض كرها أي الحجة أكرهتهم وألجأتهم كقولك الدلالة أكرهتنى على القول بهذه المسألة وليس هذا من الكره المذموم. الثاني : أسلم المؤمنون طوعا والكافرون كرها إذ لم يقدروا أن يمتنعوا عليه بما يريد بهم ويقضيه عليهم. الثالث : عن قتادة أسلم المؤمنون طوعا والكافرون كرها عند الموت حيث قال : (فَلَمْ يَكُ يَنْفَعُهُمْ إِيمانُهُمْ) الآية. الرابع : عنى بالكره من قوتل وألجئ إلى أن يؤمن. الخامس : عن أبى العالية ومجاهد أن كلا أقر بخلقه إياهم وإن أشركوا معه. كقوله : (وَلَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ) السادس : عن ابن عباس : أسلموا بأحوالهم المنبئة عنهم وإن كفر بعضهم بمقالهم وذلك هو الإسلام فى الذر الأول حيث قال : (أَلَسْتُ بِرَبِّكُمْ قالُوا بَلى) وذلك هو دلائلهم التي فطروا عليها من العقل المقتضى لأن يسلموا ، وإلى هذا أشار بقوله : (وَظِلالُهُمْ بِالْغُدُوِّ وَالْآصالِ) السابع : عن بعض الصوفية أن من أسلم طوعا هو من طالع المثيب والمعاقب لا الثواب والعقاب فأسلم له ، ومن أسلم كرها هو من طالع الثواب والعقاب فأسلم رغبة ورهبة ونحو هذه الآية. وقوله (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً).
(كسب) : الكسب ما يتحراه الإنسان مما فيه اجتلاب نفع وتحصيل حظ ككسب المال ، وقد يستعمل فيما يظن الإنسان أنه يجلب منفعة ثم استجلب به مضرة. والكسب يقال فيما أخذه لنفسه ولغيره ولهذا قد يتعدى إلى مفعولين فيقال كسبت فلانا كذا ، والاكتساب لا يقال إلا فيما استفدته لنفسك فكل اكتساب كسب وليس كل كسب اكتسابا ، وذلك نحو خبز واختبز وشوى واشتوى وطبخ واطبخ ، وقوله تعالى : (أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّباتِ ما كَسَبْتُمْ) روى أنه قيل للنبى صلىاللهعليهوسلم : «أي الكسب أطيب؟ فقال عليه الصلاة والسلام ، عمل الرجل بيده ، وقال : إن أطيب ما يأكل الرجل من كسبه وإن ولده من كسبه» وقال تعالى : (لا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِمَّا كَسَبُوا) وقد ورد فى القرآن فى فعل الصالحات والسيئات ؛ فمما استعمل فى الصالحات قوله تعالى : (أَوْ كَسَبَتْ فِي إِيمانِها خَيْراً) وقوله تعالى : (وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ رَبَّنا آتِنا فِي الدُّنْيا حَسَنَةً) إلى قوله : (مِمَّا كَسَبُوا) : ومما يستعمل فى السيئات : (أَنْ تُبْسَلَ نَفْسٌ بِما