فَاسْتَكْبَرُوا فِي الْأَرْضِ) ـ (تَسْتَكْبِرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) وقال : (إِنَّ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَاسْتَكْبَرُوا عَنْها لا تُفَتَّحُ لَهُمْ أَبْوابُ السَّماءِ) ـ (قالُوا ما أَغْنى عَنْكُمْ جَمْعُكُمْ وَما كُنْتُمْ تَسْتَكْبِرُونَ) وقوله : (فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا) قابل المستكبرين بالضعفاء تنبيها أن استكبارهم كان بما لهم من القوة من البدن والمال : (قالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا) فقابل المستكبرين بالمستضعفين : (فَاسْتَكْبَرُوا وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) نبه بقوله فاستكبروا على تكبرهم وإعجابهم بأنفسهم وتعظمهم عن الإصغاء إليه ، ونبه بقوله : (وَكانُوا قَوْماً مُجْرِمِينَ) أن الذي حملهم على ذلك هو ما تقدم من جرمهم وأن ذلك لم يكن شيئا حدث منهم بل كان ذلك دأبهم قبل. وقال تعالى : (فَالَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ قُلُوبُهُمْ مُنْكِرَةٌ وَهُمْ مُسْتَكْبِرُونَ) وقال بعده : (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ) والتكبر يقال على وجهين ، أحدهما : أن تكون الأفعال الحسنة كثيرة فى الحقيقة وزائدة على محاسن غيره وعلى هذا وصف الله تعالى بالتكبر. قال تعالى : (الْعَزِيزُ الْجَبَّارُ الْمُتَكَبِّرُ). والثاني : أن يكون متكلفا لذلك متشبعا وذلك فى وصف عامة الناس نحو قوله تعالى : (فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ) ، وقوله تعالى : (كَذلِكَ يَطْبَعُ اللهُ عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) ومن وصف بالتكبر على الوجه الأول فمحمود ، ومن وصف به على الوجه الثاني فمذموم ، ويدل على أنه قد يصح أن يوصف الإنسان بذلك ولا يكون مذموما ، قوله تعالى : (سَأَصْرِفُ عَنْ آياتِيَ الَّذِينَ يَتَكَبَّرُونَ فِي الْأَرْضِ بِغَيْرِ الْحَقِ) فجعل متكبرين بغير الحق ، وقال : (عَلى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ جَبَّارٍ) بإضافة القلب إلى التكبر. ومن قرأ بالتنوين جعل المتكبر صفة للقلب ، والكبرياء الترفع عن الانقياد وذلك لا يستحقه غير الله فقال : (وَلَهُ الْكِبْرِياءُ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) ولما قلنا روى عنه صلىاللهعليهوسلم يقول عن الله تعالى : «الكبرياء ردائى والعظمة إزارى فمن نازعنى فى واحد منهما قصمته». وقال تعالى : (قالُوا أَجِئْتَنا لِتَلْفِتَنا عَمَّا وَجَدْنا عَلَيْهِ آباءَنا وَتَكُونَ لَكُمَا الْكِبْرِياءُ فِي الْأَرْضِ) ، وأكبرت الشيء رأيته كبيرا ، قال تعالى : (فَلَمَّا رَأَيْنَهُ أَكْبَرْنَهُ) والتكبير يقال لذلك ولتعظيم الله تعالى بقولهم الله أكبر ولعبادته واستشعار تعظيمه وعلى ذلك : (وَلِتُكَبِّرُوا اللهَ عَلى ما هَداكُمْ) ـ (وَكَبِّرْهُ تَكْبِيراً) ، وقوله : (لَخَلْقُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ أَكْبَرُ مِنْ خَلْقِ النَّاسِ وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) فهى إشارة إلى ما خصهما الله تعالى به من عجائب صنعه وحكمته التي لا يعلمها إلا قليل ممن وصفهم بقوله : (وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ