وروى أن النبي صلىاللهعليهوسلم كان إذا رأى فى ثوب تصليبا قضبه. وسيف قاضب وقضيب أي قاطع ، فالقضيب هاهنا بمعنى الفاعل ، وفى الأول بمعنى المفعول وكذا قولهم ناقة قضيب : مقتضبة من بين الإبل ولما قرض ، ويقال لكل ما لم يهذب مقتضب ، ومنه اقتضب حديثا إذا أورده قبل أن راضه وهذبه فى نفسه.
(قضى) : القضاء فصل الأمر قولا كان ذلك أو فعلا وكل واحد منهما على وجهين : إلهى وبشرى. فمن القول الإلهى قوله تعالى : (وَقَضى رَبُّكَ أَلَّا تَعْبُدُوا إِلَّا إِيَّاهُ) أي أمر بذلك وقال : (وَقَضَيْنا إِلى بَنِي إِسْرائِيلَ فِي الْكِتابِ) فهذا قضاء بالإعلام والفصل فى الحكم أي أعلمناهم وأوحينا إليهم وحيا جزما ، وعلى هذا : (وَقَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ مَقْطُوعٌ) ومن الفعل الإلهى قوله تعالى : (وَاللهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْءٍ) وقوله تعالى : (فَقَضاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ فِي يَوْمَيْنِ) إشارة إلى إيجاده الإبداعى والفراغ منه نحو قوله تعالى : (بَدِيعُ السَّماواتِ وَالْأَرْضِ) وقوله : (وَلَوْ لا أَجَلٍ مُسَمًّى لَقُضِيَ بَيْنَهُمْ) أي لفصل ، ومن القول البشرى نحو قضى الحاكم بكذا فإن حكم الحاكم يكون بالقول ، ومن الفعل البشرى. (فَإِذا قَضَيْتُمْ مَناسِكَكُمْ) ـ (ثُمَّ لْيَقْضُوا تَفَثَهُمْ وَلْيُوفُوا نُذُورَهُمْ) ، وقال تعالى : (قالَ ذلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلا عُدْوانَ عَلَيَ) وقال : (فَلَمَّا قَضى زَيْدٌ مِنْها وَطَراً) وقال : (ثُمَّ اقْضُوا إِلَيَّ وَلا تُنْظِرُونِ) أي افرغوا من أمركم ، وقوله تعالى : (فَاقْضِ ما أَنْتَ قاضٍ) ـ (إِنَّما تَقْضِي هذِهِ الْحَياةَ الدُّنْيا) وقول الشاعر :
قضيت أمورا ثم غادرت بعدها
يحتمل القضاء بالقول والفعل جميعا ، ويعبر عن الموت بالقضاء فيقال فلان قضى نحبه كأنه فصل أمره المختص به من دنياه ، وقوله تعالى : (فَمِنْهُمْ مَنْ قَضى نَحْبَهُ وَمِنْهُمْ مَنْ يَنْتَظِرُ) قيل قضى نذره لأنه كان قد ألزم نفسه ألا ينكل عن العدى أو يقتل ، وقيل معناه منهم من مات وقال تعالى : (ثُمَّ قَضى أَجَلاً وَأَجَلٌ مُسَمًّى عِنْدَهُ) قيل عنى بالأول أجل الحياة وبالثاني أجل البعث ، وقال : (يا لَيْتَها كانَتِ الْقاضِيَةَ) ـ (وَنادَوْا يا مالِكُ لِيَقْضِ عَلَيْنا رَبُّكَ) وذلك كناية عن الموت ، وقال تعالى : (فَلَمَّا قَضَيْنا عَلَيْهِ الْمَوْتَ ما دَلَّهُمْ عَلى مَوْتِهِ إِلَّا دَابَّةُ الْأَرْضِ) وقضى