منه أو من إعطاء القدرة ، وقوله تعالى : (نَحْنُ قَدَّرْنا بَيْنَكُمُ الْمَوْتَ) فإنه تنبيه أن ذلك حكمة من حيث إنه هو المقدر وتنبيه أن ذلك ليس كما زعم المجوس أن الله يخلق وإبليس يقتل ، وقوله تعالى : (إِنَّا أَنْزَلْناهُ فِي لَيْلَةِ الْقَدْرِ) إلى آخرها أي ليلة قيضها لأمور مخصوصة. وقوله تعالى : (إِنَّا كُلَّ شَيْءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ) وقوله تعالى : (وَاللهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَالنَّهارَ عَلِمَ أَنْ لَنْ تُحْصُوهُ) إشارة إلى ما أجرى من تكوير الليل على النهار وتكوير النهار على الليل ، وأن ليس أحد يمكنه معرفة ساعاتهما وتوفية حق العبادة منهما فى وقت معلوم ، وقوله تعالى : (مِنْ نُطْفَةٍ خَلَقَهُ فَقَدَّرَهُ) فإشارة إلى ما أوجده فيه بالقوة فيظهر حالا فحالا إلى الوجود بالصورة ، وقوله تعالى : (وَكانَ أَمْرُ اللهِ قَدَراً مَقْدُوراً) فقدر إشارة إلى ما سبق به القضاء والكتابة فى اللوح المحفوظ. والمشار إليه بقوله عليه الصلاة والسلام : «فرغ ربكم من الخلق والأجل والرزق» ، والمقدور إشارة إلى ما يحدث عنه حالا فحالا مما قدر وهو المشار إليه بقوله تعالى : (كُلَّ يَوْمٍ هُوَ فِي شَأْنٍ) وعلى ذلك قوله تعالى : (وَما نُنَزِّلُهُ إِلَّا بِقَدَرٍ مَعْلُومٍ) قال أبو الحسن : خذه بقدر كذا وبقدر كذا ، وفلان يخاصم بقدر وقدر ، وقوله تعالى : (عَلَى الْمُوسِعِ قَدَرُهُ وَعَلَى الْمُقْتِرِ قَدَرُهُ). أي ما يليق بحاله مقدرا عليه ، وقوله تعالى : (وَالَّذِي قَدَّرَ فَهَدى) أي أعطى كل شىء ما فيه مصلحته وهداه لما فيه خلاصة إما بالتسخير وإما بالتعليم كما قال تعالى : (أَعْطى كُلَّ شَيْءٍ خَلْقَهُ ثُمَّ هَدى) والتقدير من الإنسان على وجهين أحدهما : التفكر فى الأمر بحسب نظر العقل وبناء الأمر عليه وذلك محمود ، والثاني أن يكون بحسب التمني والشهوة وذلك مذموم كقوله تعالى : (فَكَّرَ وَقَدَّرَ فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ) وتستعار القدرة والمقدور للحال والسعة فى المال ، والقدر وقت الشيء المقدر له والمكان المقدر له ، قال تعالى : (إِلى قَدَرٍ مَعْلُومٍ) وقال : (فَسالَتْ أَوْدِيَةٌ بِقَدَرِها) أي بقدر المكان المقدر لأن يسعها ، وقرئ : (بِقَدَرِها) أي تقديرها. وقوله تعالى : (وَغَدَوْا عَلى حَرْدٍ قادِرِينَ) قاصدين أي معينين لوقت قدوره ، وكذلك قوله تعالى : (فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ) وقدرت عليه الشيء ضيقته كأنما جعلته بقدر بخلاف ما وصف (بِغَيْرِ حِسابٍ) ، قال تعالى : (وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ) أي ضيق عليه وقال : (يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَيَقْدِرُ) وقال : (فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ) أي لن نضيق عليه وقرئ : (لَنْ