(سبت) : أصل السبت القطع ومنه سبت السير قطعه وسبت شعره حلقه وأنفه اصطلمه ، وقيل سمى يوم السبت لأن الله تعالى ابتدأ بخلق السموات والأرض يوم الأحد فخلقها فى ستة أيام كما ذكره فقطع عمله يوم السبت فسمى بذلك ، وسبت فلان صار فى السبت وقوله : (يَوْمَ سَبْتِهِمْ شُرَّعاً) قيل يوم قطعهم للعمل (وَيَوْمَ لا يَسْبِتُونَ) قيل معناه لا يقطعون العمل وقيل يوم لا يكونون فى السبت وكلاهما إشارة إلى حالة واحدة ، وقوله : (إِنَّما جُعِلَ السَّبْتُ) أي ترك العمل فيه (وَجَعَلْنا نَوْمَكُمْ سُباتاً) أي قطعا للعمل وذلك إشارة إلى ما قال فى صفة الليل : (لِتَسْكُنُوا فِيهِ).
(سبح) : السبح المر السريع فى الماء وفى الهواء ، يقال سبح سبحا وسباحة واستعير لمر النجوم فى الفلك نحو : (وَكُلٌّ فِي فَلَكٍ يَسْبَحُونَ) ولجرى الفرس نحو : (وَالسَّابِحاتِ سَبْحاً) ولسرعة الذهاب فى العمل نحو : (إِنَّ لَكَ فِي النَّهارِ سَبْحاً طَوِيلاً) والتسبيح تنزيه الله تعالى وأصله المر السريع فى عبادة الله تعالى وجعل ذلك فى فعل الخير كما جعل الإبعاد فى الشر فقيل أبعده الله ، وجعل التسبيح عاما فى العبادات قولا كان أو فعلا أو نية ، قال : (فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ) قيل من المصلين والأولى أن يحمل على ثلاثتها ، قال : (وَنَحْنُ نُسَبِّحُ بِحَمْدِكَ) ـ (وَسَبِّحْ بِالْعَشِيِ) ـ (فَسَبِّحْهُ وَأَدْبارَ السُّجُودِ) ـ (لَوْ لا تُسَبِّحُونَ) أي هلا تعبدونه وتشكرونه وحمل ذلك على الاستثناء وهو أن يقول إن شاء الله ويدل على ذلك بقوله : (إِذْ أَقْسَمُوا لَيَصْرِمُنَّها مُصْبِحِينَ وَلا يَسْتَثْنُونَ) وقال : (تُسَبِّحُ لَهُ السَّماواتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) فذلك نحو قوله : (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ مَنْ فِي السَّماواتِ وَالْأَرْضِ طَوْعاً وَكَرْهاً) ـ (وَلِلَّهِ يَسْجُدُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ) فذلك يقتضى أن يكون تسبيحا على الحقيقة وسجودا له على وجه لا نفقهه بدلالة قوله : (وَلكِنْ لا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ) ودلالة قوله : (وَمَنْ فِيهِنَ) بعد ذكر السموات والأرض ولا يصح أن يكون تقديره : يسبح له من فى السموات ، ويسجد له من فى الأرض ، لأن هذا مما نفقهه ولأنه محال أن يكون ذلك تقديره ثم يعطف عليه بقوله : (وَمَنْ فِيهِنَ) والأشياء كلها تسبح له وتسجد بعضها بالتسخير ، وبعضها بالاختيار ولا خلاف أن السموات والأرض والدواب مسبحات بالتسخير من حيث إن أحوالها تدل على حكمة الله تعالى ، وإنما الخلاف