الدابة فقيل حكمته وحكمت الدابة منعتها بالحكمة وأحكمتها جعلت لها حكمة وكذلك حكمت السفينة وأحكمتها ، قال الشاعر :
أبني حنيفة أحكموا سفهاءكم
وقوله : (فَيَنْسَخُ اللهُ ما يُلْقِي الشَّيْطانُ ثُمَّ يُحْكِمُ اللهُ آياتِهِ وَاللهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) ، والحكم بالشيء أن تقضى بأنه كذا أو ليس بكذا سواء ألزمت ذلك غيرك أو لم تلزمه ، قال تعالى : (وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ) ـ (يَحْكُمُ بِهِ ذَوا عَدْلٍ مِنْكُمْ) وقال :
فاحكم كحكم فتاة الحي إذا نظرت |
|
إلى حمام سراع وارد الثمد |
الثمد الماء القليل. وقيل معناه كن حكيما ، وقال عزوجل : (أَفَحُكْمَ الْجاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ) وقال تعالى : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْماً لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ) ويقال حاكم وحكام لمن يحكم بين الناس ، قال الله تعالى : (وَتُدْلُوا بِها إِلَى الْحُكَّامِ) والحكم المتخصص بذلك فهو أبلغ قال الله تعالى : (أَفَغَيْرَ اللهِ أَبْتَغِي حَكَماً) وقال عزوجل : (فَابْعَثُوا حَكَماً مِنْ أَهْلِهِ وَحَكَماً مِنْ أَهْلِها) وإنما قال حكما ولم يقل حاكما تنبها أن من شرط الحكمين أن يتوليا الحكم عليهم ولهم حسب ما يستصوبانه من غير مراجعة إليهم فى تفصيل ذلك ، ويقال الحكم للواحد والجمع وتحاكمنا إلى الحاكم ، قال تعالى : (يُرِيدُونَ أَنْ يَتَحاكَمُوا إِلَى الطَّاغُوتِ) وحكمت فلانا ، قال تعالى : (حَتَّى يُحَكِّمُوكَ فِيما شَجَرَ بَيْنَهُمْ) فإذا قيل حكم بالباطل فمعناه أجرى الباطل مجرى الحكم والحكمة إصابة الحق بالعلم والعقل ، فالحكمة من الله تعالى معرفة الأشياء وإيجادها على غاية الإحكام ، ومن الإنسان معرفة الموجودات وفعل الخيرات وهذا هو الذي وصف به لقمان فى قوله عزوجل : (وَلَقَدْ آتَيْنا لُقْمانَ الْحِكْمَةَ) ونبه على جملتها بما وصفه بها. فإذا قيل فى الله تعالى هو حكيم فمعناه بخلاف معناه إذا وصف به غيره ، ومن هذا الوجه قال الله تعالى : (أَلَيْسَ اللهُ بِأَحْكَمِ الْحاكِمِينَ) وإذا وصف به القرآن فلتضمنه الحكمة نحو : (الم تِلْكَ آياتُ الْكِتابِ الْحَكِيمِ) وعلى ذلك قال : (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ حِكْمَةٌ بالِغَةٌ) وقيل معنى الحكيم المحكم نحو : (أُحْكِمَتْ آياتُهُ) وكلاهما صحيح فإنه محكم ومفيد للحكم ففيه المعنيان