متناهيا ، والحفي البر اللطيف ، قوله عزوجل : (إِنَّهُ كانَ بِي حَفِيًّا) ويقال أحفيت بفلان وتحفيت به إذا عنيت بإكرامه ، والحفي العالم بالشيء.
(حق) : أصل الحق المطابقة والموافقة كمطابقة رجل الباب في حقه لدورانه على استقامة والحق يقال على أوجه :
الأول : يقال لموجد الشيء بسبب ما تقتضيه الحكمة ولهذا قيل فى الله تعالى هو الحق ، قال الله تعالى : (ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ مَوْلاهُمُ الْحَقِ) وقيل بعيد ذلك : (فَذلِكُمُ اللهُ رَبُّكُمُ الْحَقُ) ـ (فَما ذا بَعْدَ الْحَقِّ إِلَّا الضَّلالُ فَأَنَّى تُصْرَفُونَ).
والثاني : يقال للموجد بحسب مقتضى الحكمة ولهذا يقال فعل الله تعالى كله حق ، وقال تعالى : (هُوَ الَّذِي جَعَلَ الشَّمْسَ ضِياءً وَالْقَمَرَ نُوراً) إلى قوله تعالى : (ما خَلَقَ اللهُ ذلِكَ إِلَّا بِالْحَقِ) وقال فى القيامة (وَيَسْتَنْبِئُونَكَ أَحَقٌّ هُوَ قُلْ إِي وَرَبِّي إِنَّهُ لَحَقٌ وَتَكْتُمُونَ الْحَقَ) وقوله عزوجل : (الْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ) ـ (وَإِنَّهُ لَلْحَقُّ مِنْ رَبِّكَ).
والثالث : فى الاعتقاد للشيء المطابق لما عليه ذلك الشيء فى نفسه كقولنا اعتقاد فلان فى البعث والثواب والعقاب والجنة والنار حق ، قال الله تعالى : (فَهَدَى اللهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِ).
والرابع : للفعل والقول الواقع بحسب ما يجب وبقدر ما يجب وفى الوقت الذي يجب كقولنا فعلك حق وقولك حق ، قال الله تعالى : (كَذلِكَ حَقَّتْ كَلِمَةُ رَبِّكَ) ـ (حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ) وقوله عزوجل : (وَلَوِ اتَّبَعَ الْحَقُّ أَهْواءَهُمْ) يصح أن يكون المراد به الله تعالى ويصح أن يراد به الحكم الذي هو بحسب مقتضى الحكمة. ويقال أحققت كذا أي أثبته حقا أو حكمت بكونه حقا ، وقوله تعالى : (لِيُحِقَّ الْحَقَ) فإحقاق الحق على ضربين : أحدهما بإظهار الأدلة والآيات كما قال تعالى : (وَأُولئِكُمْ جَعَلْنا لَكُمْ عَلَيْهِمْ سُلْطاناً مُبِيناً) أي حجة قوية. والثاني بإكمال الشريعة وبثها فى الكافة كقوله تعالى : (وَاللهُ مُتِمُّ نُورِهِ وَلَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ) ـ (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ) وقوله : (الْحَاقَّةُ مَا الْحَاقَّةُ) إشارة إلى القيامة كما فسره بقوله : (يَوْمَ يَقُومُ النَّاسُ) لأنه يحق فيه الجزاء ، ويقال حاققته فحققته أي خاصمته فى الحق فغلبته.