ثم تناولت الآية التالية قصة «زيد» وزوجته «زينب» المعروفة ، والتي هي إحدى المسائل الحساسة في حياة النبي صلىاللهعليهوآله ، ولها إرتباط بمسألة أزواج النبي التي مرّت في الآيات السابقة ، فتقول : (وَإِذْ تَقُولُ لِلَّذِى أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِ وَأَنْعَمْتَ عَلَيْهِ أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ وَاتَّقِ اللهَ).
والمراد من نعمة الله تعالى هي نعمة الهداية والإيمان التي منحها لزيد بن حارثة ، ومن نعمة النبي صلىاللهعليهوآله أنّه كان قد أعتقه وكان يعامله كولده الحبيب العزيز.
ويستفاد من هذه الآية أنّ شجاراً قد وقع بين زيد وزينب ، وقد استمرّ هذا الشجار حتى بلغ أعتاب الطلاق ، ويستفاد أنّ النبي كان ينصحه دائماً ويمنعه من الطلاق.
ثم تضيف الآية : (وَتُخْفِى فِى نَفْسِكَ مَا اللهُ مُبْدِيهِ وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللهُ أَحَقُّ أَن تَخْشهُ).
إنّ مسألة خشية الله سبحانه توحي بأنّ هذا الزواج قد تمّ كتنفيذ لواجب شرعي ، يجب عنده طرح كل الاعتبارات الشخصية جانباً من أجل الله تعالى ليتحقق هدف مقدس من أهداف الرسالة ، حتى وإن كان ثمن ذلك جراحات اللسان التي يلقيها جماعة المنافقين في اتّهاماتهم للنبي. لهذا تقول الآية في متابعة المسألة : إنّ زيداً لمّا أنهى حاجته منها وطلّقها زوّجناها لك : (فَلَمَّا قَضَى زَيْدٌ مِّنْهَا وَطَرًا زَوَّجْنَاكَهَا لِكَىْ لَايَكُونَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ حَرَجٌ فِى أَزْوَاجِ أَدْعِيَائِهِمْ إِذَا قَضَوْا مِنْهُنَّ وَطَرًا). وكان لابدّ أن يتمّ هذا الأمر : (وَكَانَ أَمْرُ اللهِ مَفْعُولاً).
بناءً على هذا ، فإنّ هذه المسألة كانت مسألة أخلاقية وإنسانية ، وكذلك كانت وسيلة مؤثرة لكسر سنّتين جاهليتين خاطئتين ، وهما : الإقتران بمطلّقة الإبن المتبنّى ، والزواج من مطلّقة عبد معتق.
«الأدعياء» : جمع «دعي» ، أي الإبن المتبنّى ؛ و «الوطر» هو الحاجة المهمة.
والتعبير ب (زَوَّجْنَاكَهَا) دليل على أنّ هذا الزواج كان زواجاً بأمر الله.
وتقول الآية الأخيرة في تكميل المباحث السابقة : (مَّا كَانَ عَلَى النَّبِىّ مِنْ حَرَجٍ فِيمَا فَرَضَ اللهُ). فحيث يأمره الله سبحانه لا تجوز المداهنة في مقابل أمره تعالى ، ويجب تنفيذه بدون أيّ تردّد.
وأساساً فإنّ مخالفة السنن والأعراف ، واقتلاع الآداب والعادات الخرافية وغير