ثم تطرّقت إلى
سبب وجوب معرفة حق الام ، فقالت : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ
كُرْهًا وَوَضَعَتْهُ كُرْهًا وَحَمْلُهُ وَفِصَالُهُ ثَلثُونَ شَهْرًا).
تضحي خلالها
الام أعظم التضحيات ، وتؤثر ولدها على نفسها أيّما إيثار ، لأنّ آلام ومعاناة الام
في طريق تربية الطفل محسوسة وملموسة أكثر ، ولأنّ جهود الام أكثر أهمية إذا ما
قورنت بجهود الأب ، كان التأكيد أكثر على قدر الام في الروايات الإسلامية.
ثم إنّه يمكن
أن يستفاد من هذا التعبير القرآني أنّه كلّما قصرت فترة الحمل يجب أن تطول فترة
الرضاع بحيث يكون المجموع (٣٠) شهراً.
ثم تضيف الآية
: إنّ حياة هذا الإنسان تستمر (حَتَّى إِذَا بَلَغَ
أَشُدَّهُ ووَبَلَغَ أَرْبَعِينَ سَنَةً).
إنّ بلوغ الأشد
إشارة إلى البلوغ الجسمي ، وبلوغ الأربعين سنة إشارة إلى البلوغ الفكري والعقلي.
وفي الحديث : «إنّ
الشيطان يمر يده على وجه من زاد على الأربعين ولم يتب ، ويقول : بأبي وجه لا يفلح»
.
إنّ القرآن
الكريم يضيف في متابعة هذا الحديث : إنّ الإنسان العاقل المؤمن إذا بلغ سن
الأربعين ، يطلب من ربّه ثلاث طلبات ، فيقول أولاً : (قَالَ رَبّ
أَوْزِعْنِى أَنْ أَشْكُرَ نِعْمَتَكَ الَّتِى أَنْعَمْتَ عَلَىَّ وَعَلَى
وَالِدَىَّ).
أمّا طلبه
الثاني فهو : (وَأَنْ أَعْمَلَ
صَالِحًا تَرْضهُ).
وأخيراً يقدم
طلبه الأخير فيقول : (وَأَصْلِحْ لِى فِى
ذُرّيَّتِى).
وتبيّن الآية
في نهايتها مطلبين ، كل منهما تبيان لبرنامج عملي مؤثر ، فتقول : (إِنّى تُبْتُ إِلَيْكَ). فقد بلغت مرحلة يجب أن أعين فيها مسير حياتي ، وأسير
في ذلك الخط ما حييت.
والآخر : (وَإِنّى مِنَ الْمُسْلِمِينَ).
والآية التالية
بيان بليغ لأجر هؤلاء المؤمنين الشاكرين وثوابهم ، وقد أشارت إلى مكافآت مهمّة
ثلاث ، فقالت أوّلاً : (أُولئِكَ الَّذِينَ
نَتَقَبَّلُ عَنْهُمْ أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا).
إنّ جملة (وَأَنْ أَعْمَلَ صَالِحًا تَرْضهُ) تبيّن أنّ العمل الصالح هو العمل الذي يبعث على رضى
الله سبحانه.
__________________