وتعبير (أَحْسَنَ مَا عَمِلُوا) والذي ورد في آيات عديدة من القرآن المجيد ، يبيّن فضل الله الذي لا يحصى في مقام مكافأة العباد وجزائهم ، حيث يجعل أحسن أعمالهم معياراً لكل أعمالهم الحسنة في الحساب والمثوبة.
والهبة الثانية هي تطهيرهم ، فتقول : (وَنَتَجَاوَزُ عَن سَيّئَاتِهِمْ).
والموهبة الثالثة هي أنّهم : (فِى أَصْحَابِ الْجَنَّةِ). فيطهرون من الهفوات التي كانت منهم ، ويكونون في جوار الصالحين المطهرين المقربين عند الله سبحانه.
وتضيف الآية في نهايتها ـ كتأكيد على هذه النعم التي مرّ ذكرها ـ : (وَعْدَ الصّدقِ الَّذِى كَانُوا يُوعَدُونَ).
(وَالَّذِي قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفٍّ لَكُمَا أَتَعِدَانِنِي أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِنْ قَبْلِي وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللهَ وَيْلَكَ آمِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ فَيَقُولُ مَا هذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ (١٧) أُولئِكَ الَّذِينَ حَقَّ عَلَيْهِمُ الْقَوْلُ فِي أُمَمٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنَ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ إِنَّهُمْ كَانُوا خَاسِرِينَ (١٨) وَلِكُلٍّ دَرَجَاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَلِيُوَفِّيَهُمْ أَعْمَالَهُمْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) (١٩)
مضيّعو حقوق الوالدين : كان الكلام في الآيات السابقة عن المؤمنين الذين سلكوا طريق القرب من الله ، فبلغوا الغاية ووسعتهم رحمة الله ، وكرمهم لطفه ، وكل ذلك في ظل الإيمان والعمل الصالح ، وشكر نعم الله سبحانه ، والإلتفات إلى حقوق الأبوين والذرية وأدائها.
أمّا هذه الآيات ، فيدور الكلام فيها عمّن يقفون في الطرف المقابل ، وهم الكافرون المنكرون للجميل والحق ، والعاقون لوالديهم ، فتقول : (وَالَّذِى قَالَ لِوَالِدَيْهِ أُفّ لَّكُمَا أَتَعِدَانِنِى أَنْ أُخْرَجَ وَقَدْ خَلَتِ الْقُرُونُ مِن قَبْلِى).
إلّا أنّ أبويه المؤمنين لم يستسلما أمام هذا الولد العاق الضال ، فتقول الآية : (وَهُمَا يَسْتَغِيثَانِ اللهَ وَيْلَكَءَامِنْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌّ). غير أنّه يأبى إلّاأن يسير في طريق الضلالة والعناد الذي اختطه لنفسه ، ولذلك نراه يجيبهما بكل تكبر وغرور ولا مبالاة : (فَيَقُولُ مَا هذَا إِلَّا أَسَاطِيرُ الْأَوَّلِينَ) ، فما تقولانه عن المعاد والحساب ليس إلّاخرافات وقصص كاذبة أتتكم من الماضين من قبلكم ، ولست بالذي يعتقد بها وينقاد لها.
وكما بيّنت الآيات السابقة ثواب المؤمنين العاملين للصالحات ، فإنّ هذه الآيات تبيّن