أفضل من الاخرى والمتماثل من حيث اللطف والجمال والعمق في البيان.
وهذا بالضبط على عكس العبارات التي يصوغها الإنسان ، والتي مهما اعتنى بصياغتها فإنّها لن تخلو من الاخطاء والاختلافات والتناقضات ، ودراسة آثار الكتّاب الكبار المعروفين في مجالي النثر والشعرهي خير شاهد على هذا الموضوع.
أمّا الخاصية الثانية فهي : مَّثَانِىَ ـ أي المكرر ـ وهذه الكلمة تشير إلى تكرار بحوثه المختلفة وقصصه ومواعظه ، التكرار الذي لا يملّ منه الإنسان ، وإنّما على العكس من ذلك ، إذ يتشوّق لتلاوته أكثر ، وهذه إحدى اسس الفصاحة.
أمّا الخاصية الثالثة فهي : (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ). وهذه الخاصية للقرآن فتتجلّي في مسألة نفوذه وتأثيره العميقين والخارقين في اعماق النفوس ؛ (تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللهِ).
إنّه لوصف وتجسيد لطيف وجميل لنفوذ آيات القرآن العجيب إلى أعماق القلوب ، إذ أنّه في بداية الأمر يبعث في القلب شيئاً من الخوف والرهبة ، الخوف الذي يكون أساساً للصحوة ولبدء الحركة ، والرهبة التي تجعل الإنسان يتحسس مسؤولياته المختلفة ، ثم تأتي مرحلة الهدوء وقبول آيات الله وتتبعها السكينة والإستقرار.
في تفسير مجمع البيان روي عن العباس بن عبد المطلب أنّ النبي صلىاللهعليهوآله قال : «إذا اقشعرّ جلد العبد من خشية الله ، تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها».
وفي نهاية الآية يقول تعالى بعد أن بيّن تلك الخصائص : (ذلِكَ هُدَى اللهِ يَهْدِى بِهِ مَن يَشَاءُ).
حقاً إنّ القرآن نزل لهداية الجميع ، لكن المتقين وطلّاب الحق والحقيقة هم المستفيدون ـ فقط ـ من نوره ، أمّا اولئك الذين تعمّدوا إغلاق كافة نوافذ قلوبهم أمام نور القرآن الكريم ، والذين تتحكم بأرواحهم ظلمات التعصب والعناد ـ فقط ـ لا يستفيدون من نور القرآن ، وإنّما يزدادون ضلالة من جرّاء عنادهم وعدائهم ، لذلك فإنّ تتمة الآية تقول : (وَمَن يُضْلِلِ اللهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ).
فهذه الضلالة هي التي يضع الإنسان حجر أساسها بيده ، ويحكم بناء أساسها بواسطة أعماله الخاطئة والسيئة ، ولذلك لا تتنافى اطلاقاً مع إرادة الإنسان وحريته.
الآية التالية تقارن بين مجموعة من الظالمين والمجرمين ، ومجموعة من المؤمنين الذين