فأهل جهنم مبتلون في هذه الدنيا بالخصام والنزاع والحروب. فالنزاع والجدال يتحكّم بهم ، وفي كل يوم يتخاصمون مع هذا وذاك.
وفي يوم القيامة ، ذلك اليوم الذي تبرز فيه الأسرار وما تخفيه الصدور ، تراهم يتنازعون فيما بينهم في جهنم.
الجدير بالذكر أنّ أهل الجنة متكئون على الأسرّة ، ويتحدثون فيما بينهم بكلام ملؤه المحبة والصدق ، كما ورد في آيات مختلفة من آيات القرآن الحكيم ، بينما تجد أهل النار يعيشون حالة من الصراع والجدال ، إذن فتلك نعمة كبيرة ، وهذا عذاب أليم.
(قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنْذِرٌ وَمَا مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ (٦٥) رَبُّ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ (٦٦) قُلْ هُوَ نَبَأٌ عَظِيمٌ (٦٧) أَنْتُمْ عَنْهُ مُعْرِضُونَ (٦٨) مَا كَانَ لِي مِنْ عِلْمٍ بِالْمَلَإِ الْأَعْلَى إِذْ يَخْتَصِمُونَ (٦٩) إِنْ يُوحَى إِلَيَّ إِلَّا أَنَّمَا أَنَا نَذِيرٌ مُبِينٌ) (٧٠)
إنّما أنا نذير : البحوث السابقة كانت تحمل طابع إنذار وتهديد للمشركين والعاصين والظالمين ، أمّا آيات بحثنا فتتابع ذلك البحث ، إذ جاء في اولى آياتها : (قُلْ إِنَّمَا أَنَا مُنذِرٌ).
صحيح أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله مبشّر أيضاً ، ولكن بما أنّ البشرى تخصّ المؤمنين فإنّ الإنذار يخصّ المشركين والمفسدين ، والحديث هنا يخصّ المجموعة الأخيرة ، وإعتمد فيه على الإنذار.
ثم يضيف : (وَمَا مِنْ إِلهٍ إِلَّا اللهُ الْوَاحِدُ الْقَهَّارُ).
كلمة (القهّار) وردت في هذه العبارة ، كي لا يغترّ أحد بلطف الله ، ويظنّ أنّه يعيش في مأمن من قهر الله ، ولكي لا يغرق في مستنقع الكفر وإرتكاب الذنب.
وتطرح دلائل توحيد الخالق جلّ وعلا في الالوهية والعبودية بشكل مباشر ، وتضيف : (رَبُّ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا بَيْنَهُمَا الْعَزِيزُ الْغَفَّارُ).
في الواقع هناك ثلاث صفات من صفات الباريء عزوجل ذكرت في هذه الآية ، وكل واحدة منها جاءت لإثبات مفهوم ما. الاولى : «ربوبيته» لعالم الوجود ، ومالكيته لكل هذا العالم ، المالك المدبّر لشؤون عالم الوجود.
والصفة الثانية والثالثة وصف الباريء عزوجل ب (العزيز) و (الغفّار) وهو دليل آخر على