«الطرف» : جفن العين ، وأحياناً يأتي بمعنى النظر ، ووصف آخر نساء الجنة بقاصرات الطرف (أي ذوات النظرات القصيرة) يشير إلى إقتصار نظرهن على أزواجهن فقط ، وحبّهن وعشقهن لهم وعدم تفكيرهم بسواهم ، وهذه من أفضل مزايا وحسنات الزوجات.
الآية الأخيرة في هذا البحث تشير إلى النعم السبع التي يغدقها الباريء عزوجل على أهل الجنة ، والتي وردت في الآيات السابقة. قال تعالى : (هذَا مَا تُوعَدُونَ لِيَوْمِ الْحِسَابِ).
وعدٌ لا يُخلف ، ويبعث في نفس الوقت على النشاط لمضاعفة الجهد ، نعم إنّه وعد من الله العظيم.
وللتأكيد على خلود هذه النعم ، جاء في قوله تعالى : (إِنَّ هذَا لَرِزْقُنَا مَا لَهُ مِن نَّفَادٍ).
أي : أنّ النعم في الجنان خالدة ولا تنفد ولا تزول كما في الحياة الدنيا ، ولا يظهر عليها أيّ نقص ، لأنّ الله أراد ذلك.
(هذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَآبٍ (٥٥) جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ (٥٦) هذَا فَلْيَذُوقُوهُ حَمِيمٌ وَغَسَّاقٌ (٥٧) وَآخَرُ مِنْ شَكْلِهِ أَزْوَاجٌ (٥٨) هذَا فَوْجٌ مُقْتَحِمٌ مَعَكُمْ لَا مَرْحَباً بِهِمْ إِنَّهُمْ صَالُو النَّارِ (٥٩) قَالُوا بَلْ أَنْتُمْ لَا مَرْحَباً بِكُمْ أَنْتُمْ قَدَّمْتُمُوهُ لَنَا فَبِئْسَ الْقَرَارُ (٦٠) قَالُوا رَبَّنَا مَنْ قَدَّمَ لَنَا هذَا فَزِدْهُ عَذَاباً ضِعْفاً فِي النَّارِ) (٦١)
وهذه هي عاقبة الطغاة : الآيات السابقة إستعرضت النعم السبع وغيرها من النعم التي يغدقها الباريء عزوجل على عباده المتقين ، أمّا آيات بحثنا فإنّها تستخدم اسلوب المقارنة الذي كثيراً ما استخدمه القرآن الكريم ، لتوضيح المصير المشؤوم والعقوبات المختلفة التي ستنال الطغاة والعاصين. قال تعالى : (هذَا وَإِنَّ لِلطَّاغِينَ لَشَرَّ مَابٍ).
ثم تعمد آيات القرآن المجيد إلى الاستفادة من اسلوب الإيجاز والتفصيل ، إذ تقول : (جَهَنَّمَ يَصْلَوْنَهَا فَبِئْسَ الْمِهَادُ). أي إنّ جهنم هي المكان المشؤوم الذي سيردونه ، وإنّهم سيحترقون بنيرانها ، فيا لها من فراش سيء.
«مهاد» : تعني الفراش ، وهو مكان إستراحة ، ويجب أن يكون مناسباً ـ في كل الأحوال ـ لوضع الشخص وملائماً لرغبته ، ولكن كيف سيكون حال الذين خصّصت لهم نار جهنم فراشاً؟!