وكل يوم أنت في لبس جديد من مراحل الحياة ، فأنت في حال موت وبعث مستمرين ، فمن جماد أصبحت رجلاً بالغاً ، وبكميّة من عالم النبات الجامد ، ومن عالم الحيوان الميّت أيضاً أصبحت إنساناً ، ولكنّك نسيت كل ذلك وصرت تسأل : من يحيي العظام وهي رميم؟ ألم تكن أنت في البدء تراباً كما هو حال هذه العظام بعد تفسّخها؟!
لذا فإنّ الله سبحانه وتعالى يأمر الرسول صلىاللهعليهوآله بأن يقول لهذا المغرور الأحمق الناسي : (قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِى أَنشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ).
وإذا كنت تعتقد بأنّ هذه العظام بعد تفسّخها تصبح تراباً وتنتشر في الأصقاع ، فمن يستطيع عند ذلك أن يجمع تلك الأجزاء المبعثرة من نقاط إنتشارها؟ فإنّ الجواب على ذلك أيضاً واضح : (وَهُوَ بِكُلّ خَلْقٍ عَلِيمٌ).
فمن كان له مثل هذا (العلم) وهذه (القدرة) فإنّ مسألة المعاد وإحياء الموتى لا تشكّل بالنسبة إليه أيّة مشكلة.
(الَّذِي جَعَلَ لَكُمْ مِنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَاراً فَإِذَا أَنْتُمْ مِنْهُ تُوقِدُونَ) (٨٠)
تتابع هذه الآية البحوث المختلفة حول المعاد وتقول : (الَّذِى جَعَلَ لَكُم مِّنَ الشَّجَرِ الْأَخْضَرِ نَارًا فَإِذَا أَنتُم مِّنْهُ تُوقِدُونَ).
ثمّة تفسير عميق ، والذي ظهر إلى الواقع نتيجة جهود العلماء في عصرنا الحاضر وقد اخترنا أن نطلق عليه تسمية «إنبعاث الطاقة».
وتوضيح ذلك كما يلي : إنّ من أهمّ الوظائف التي تقوم بها النباتات هي عملية «التركيب الضوئي» والتي تعتمد أساساً على أخذ غاز «ثاني اوكسيد الكربون من الهواء ، والإفادة منه بواسطة «المادّة الخضراء» أو ما يسمّى «بالكلورفيل» لصنع الغذاء بمساعدة الماء وضوء الشمس. ذلك الغذاء الذي يؤدّي إلى تكوّن حلقات السليلوز في النباتات من ذوات الفلقتين ، ويكون ناتج عملية التركيب الضوئي الأوكسجين الذي يطلق في الهواء مرّة اخرى.
ولو نظرنا إلى العملية بطريقة اخرى فإنّ النباتات تأخذ الغاز (ثاني أوكسيد الكاربون) وتجزّئه أثناء عملها لتحتفظ بالكاربون مركّباً مع غيره من الماء لتكوّن الخشب وتطلق الأوكسجين.
والمهمّ هنا أنّ العلماء يقولون : بأنّ أيّة عملية تركيب كيمياوي تحتاج إلى طاقة ما لكي