العلن ، نعلم بكل ذلك ، ونحفظ لهم جزاءهم إلى يوم الحساب ، وستكون أنت أيضاً في أمان من شرّهم في هذه الدنيا.
(أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ (٧٧) وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِي الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ (٧٨) قُلْ يُحْيِيهَا الَّذِي أَنْشَأَهَا أَوَّلَ مَرَّةٍ وَهُوَ بِكُلِّ خَلْقٍ عَلِيمٌ) (٧٩)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : قيل : إنّ ابيّ بن خلف ، أو العاص بن وائل ، جاء بعظم بال متفتت ، وقال : يا محمّد أتزعم أنّ الله يبعث هذا؟ فقال : «نعم». فنزلت الآية (أَوَ لَمْ يَرَ الْإِنسَانُ) إلى آخر السورة.
التّفسير
هذه السورة ابتدأت بمسألة النبوّة ، واختتمت بسبعة آيات تمثّل أقوى البيانات حول المعاد. فتقول : (أَوَ لَمْ يَرَ الْإِنسَانُ أَنَّا خَلَقْنَاهُ مِن نُّطْفَةٍ فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ) (١).
فهذا الموجود الضعيف العاجز ، يصبح قويّاً إلى درجة أن يجيز لنفسه النهوض لمحاربة الدعوات الإلهية ، وينسى ماضيه ومستقبله ، ليكون مصداقاً حيّاً لقوله تعالى : (فَإِذَا هُوَ خَصِيمٌ مُّبِينٌ).
ويكفي لمعرفة مدى غفلته وحمقه أنّه جاء : (وَضَرَبَ لَنَا مَثَلاً وَنَسِىَ خَلْقَهُ قَالَ مَن يُحْىِ الْعِظَامَ وَهِىَ رَمِيمٌ) (٢).
المقصود من ضرب المثل هنا الاستدلال وذكر مصداق لإثبات مطلب معيّن.
والجميل أنّ القرآن الكريم أجابه بجملة وجيزة مقتضبة وهي قوله تعالى : (وَنَسِىَ خَلْقَهُ). ثم أردفها بتوضيح أكثر.
فكأنّه يقول : لو لم تنس بدء خلقك لما إستدللت بهذا الإستدلال الواهي الفارغ أبداً.
أيّها الإنسان الكثير النسيان ، عد قليلاً إلى الوراء وانظر في خلقك ، كيف كنت نطفة تافهة
__________________
(١) «خصيم» : بمعنى المصرّ على الخصومة والجدال ؛ و «الرؤية بمعنى العلم.
(٢) «رميم» : من مادة «رم» ، وهو إصلاح الشيء البالي.