قرأ يس في نهاره قبل أن يمسي كان في نهاره من المحفوظين والمرزوقين حتى يمسي ، ومن قرأها في ليله قبل أن ينام وكّل به ألف ملك يحفظونه من كل شيطان رجيم ومن كل آفة».
إنّ عظمة فضيلة هذه السورة إنّما هي لعظمة محتواها .. محتوىً يوقظ من الغفلة ويضخّ في النفس الإيمان ، ويولد روح المسؤولية ويدعو إلى التقوى ، بحيث إنّ الإنسان إذا تفكّر في هذه الآية وجعل ذلك التفكر يلقي بظلاله على أعماله ، فإنّه يفوز بخير الدنيا والآخرة.
بِسْمِ اللّهِ الرَّحْمـَنِ الرَّحِيمِ
(يس (١) وَالْقُرْآنِ الْحَكِيمِ (٢) إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (٣) عَلَى صِرَاطٍ مُسْتَقِيمٍ (٤) تَنْزِيلَ الْعَزِيزِ الرَّحِيمِ (٥) لِتُنْذِرَ قَوْماً مَا أُنْذِرَ آبَاؤُهُمْ فَهُمْ غَافِلُونَ (٦) لَقَدْ حَقَّ الْقَوْلُ عَلَى أَكْثَرِهِمْ فَهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ (٧) إِنَّا جَعَلْنَا فِي أَعْنَاقِهِمْ أَغْلَالاً فَهِيَ إِلَى الْأَذْقَانِ فَهُمْ مُقْمَحُونَ (٨) وَجَعَلْنَا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدّاً وَمِنْ خَلْفِهِمْ سَدّاً فَأَغْشَيْنَاهُمْ فَهُمْ لَا يُبْصِرُونَ (٩) وَسَوَاءٌ عَلَيْهِمْ أَأَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لَا يُؤْمِنُونَ) (١٠)
هذه السورة تبدأ ـ كما هو الحال في ثمان وعشرين سورة اخرى ـ بحروف مقطعة وهي (يس).
في تفسير علي بن إبراهيم : قال الصادق عليهالسلام : «يس» اسم رسول الله صلىاللهعليهوآله والدليل عليه قوله : (إِنَّكَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ * عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ).
بعد هذه الحروف المقطعة ـ وكما هو الحال في أغلب السور التي تبدأ بالحروف المقطعة ـ يأتي الحديث عن القرآن المجيد ، فيورد هنا قسماً بالقرآن ، إذ يقول : (وَالْقُرْءَانِ الْحَكِيمِ).
الملفت للنظر أنّه وصف «القرآن» هنا ب «الحكيم» ، في حين أنّ الحكمة عادةً صفة للعاقل ، كأنّه سبحانه يريد طرح القرآن على أنّه موجود حي وعاقل ومرشد ، يستطيع فتح أبواب الحكمة أمام البشر.
بديهي أنّ الله سبحانه وتعالى ليس بحاجة لأن يقسم ، ولكن الأقسام القرآنية تتضمن ـ دائماً ـ فائدتين أساسيتين : الاولى التأكيد على الموضوع اللاحق للقسم ، والثانية بيان عظمة الشيء الذي يقسم به الله تعالى.