فهم بمشاهدة نتائج أعمالهم السيّئة ، يغرقون في ندم عميق ، ويصرخون من أعماق قلوبهم ويطلبون المحال ، العودة إلى الدنيا للقيام بالأعمال الصالحة.
ففي قبال ذلك الطلب الذي يطلبه اولئك من الله سبحانه وتعالى ، يصدر ردّ قاطع عنه سبحانه وتعالى حيث يقول : (أَوَلَمْ نُعَمّرْكُم مَا يَتَذَكَّرُ فِيهِ مَن تَذَكَّرَ وَجَاءَكُمُ النَّذِيرُ). فإذا لم تنتفعوا بكل ما توفّر بين أيديكم من وسائل النجاة تلك ومن كل الفرص الكافية المتاحة (فَذُوقُوا فَمَا لِلظَّالِمِينَ مِن نَّصِيرٍ).
في الآية الأخيرة ـ من هذه الآيات ـ يرد الجواب على طلب الكفار في العودة إلى الدنيا فتقول الآية : (إِنَّ اللهَ عَالِمُ غَيْبِ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ إِنَّهُ عَلِيمٌ بِذَاتِ الصُّدُورِ).
فهو سبحانه وتعالى يعلم أنّه لو استجاب لما طلبه منه أهل جهنم ، وأعادهم إلى الدنيا فسوف يعاودون نفس المسيرة المنحرفة التي كانوا عليها.
إضافةً إلى ذلك فالآية تنبيه للمؤمنين على أن يسعوا لتحقيق الإخلاص في نيّاتهم ، وأن لا يأخذوا بنظر الاعتبار غير الله سبحانه وتعالى.
(هُوَ الَّذِي جَعَلَكُمْ خَلَائِفَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ كَفَرَ فَعَلَيْهِ كُفْرُهُ وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ إِلَّا مَقْتاً وَلَا يَزِيدُ الْكَافِرِينَ كُفْرُهُمْ إِلَّا خَسَاراً (٣٩) قُلْ أَرَأَيْتُمْ شُرَكَاءَكُمُ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللهِ أَرُونِي مَا ذَا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ أَمْ لَهُمْ شِرْكٌ فِي السَّمَاوَاتِ أَمْ آتَيْنَاهُمْ كِتَاباً فَهُمْ عَلَى بَيِّنَةٍ مِنْهُ بَلْ إِنْ يَعِدُ الظَّالِمُونَ بَعْضُهُمْ بَعْضاً إِلَّا غُرُوراً (٤٠) إِنَّ اللهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضَ أَنْ تَزُولَا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيماً غَفُوراً) (٤١)
تنتقل الآيات إلى مرحلة اخرى من تشخيص عوامل ضعف وبطلان مناهج الكفار والمشركين في التعامل أو التفكير لتكمل البحوث التي مرّت في الآيات السابقة ، فتقول أوّلاً : (هُوَ الَّذِى جَعَلَكُمْ خَلِفَ فِى الْأَرْضِ).
«خلائف» : هنا سواء كانت بمعنى خلفاء وممثّلي الله في الأرض ، أم بمعنى خلفاء الأقوام السابقين ، فهي دليل على منتهى اللطف الإلهي على البشر حيث إنّه قيّض لهم جميع إمكانات