أَسْأَلُكُمْ
عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى) . فهذا أيضاً يعود نفعه إليكم ، لأنّ مودّة ذي القربى
ترتبط بمفهوم (الإمامة والولاية) واستمرار خطّ النبوّة ، الذي هو ضروري لإدامة
هدايتكم.
ثم تختم الآية
بالقول : (وَهُوَ عَلَى كُلّ
شَىْءٍ شَهِيدٌ). فإن كنت اريد أجري من الله وحده فلأنّه وحده عالم بكل
أعمالي ومطّلع على نواياى.
بالإلتفات إلى
ما قيل حول حقانية دعوة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، تضيف الآية التي بعدها قائلة أنّ القرآن واقع غير
قابل للإنكار لأنّه ملقى من الله سبحانه وتعالى على قلب الرسول صلىاللهعليهوآله : (قُلْ إِنَّ رَبّى
يَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلمُ الْغُيُوبِ).
«يقذف» : من
مادة «قذف» وهو الرمي البعيد. والمقصود ب «يقذف» بالحق هو الكتب السماوية والوحي
الإلهي على قلوب الأنبياء والمرسلين ، ولأنّه سبحانه وتعالى هو علّام الغيوب ، فهو
يعلم بالقلوب المهيّأة ، فينتخبها ويقذف الوحي فيها حتى ينفذ إلى أعماقها.
ويحتمل أن يكون
المقصود بتعبير «القذف» هنا هو نفوذ حقّانية القرآن إلى نقاط العالم القريبة
والبعيدة ، وهي إشارة إلى أنّ هذا الوحي السماوي سيضيء جميع العالم بنوره في نهاية
الأمر.
بعدئذ ولزيادة
التأكيد يضيف سبحانه وتعالى : (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ
وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ). وعليه فلن يكون للباطل أي دور مقابل الحق ، لا خطّة
اولى جديدة ، ولا خطّة معادة ، ولهذا السبب فلم يتمكّن الباطل من طمس نور الحق
ومحو أثره من القلوب.
ثم يضيف تعالى
لأجل إيضاح أنّ ما يقوله صلىاللهعليهوآله هو من الله ، وأنّ كل هداية منه ، وأن ليس هناك أدنى
خطأ أو نقص في الوحي الإلهي : (قُلْ إِن ضَلَلْتُ
فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِى وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ
رَبّى). أي : إنّني لو اتّكلت على نفسي فسوف أضلّ ، لأنّ
الإهتداء إلى طريق الحق من بين أكداس الباطل ليس ممكناً بغير إمداد الله ، ونور
الهداية الذي ليس فيه ضلال وتيه هو نور الوحي الإلهي.
وفي ختام الآية
يضيف تعالى : (إِنَّهُ سَمِيعٌ
قَرِيبٌ).
__________________