أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِلَّا الْمَوَدَّةَ فِى الْقُرْبَى) (١). فهذا أيضاً يعود نفعه إليكم ، لأنّ مودّة ذي القربى ترتبط بمفهوم (الإمامة والولاية) واستمرار خطّ النبوّة ، الذي هو ضروري لإدامة هدايتكم.
ثم تختم الآية بالقول : (وَهُوَ عَلَى كُلّ شَىْءٍ شَهِيدٌ). فإن كنت اريد أجري من الله وحده فلأنّه وحده عالم بكل أعمالي ومطّلع على نواياى.
بالإلتفات إلى ما قيل حول حقانية دعوة الرسول الأكرم صلىاللهعليهوآله ، تضيف الآية التي بعدها قائلة أنّ القرآن واقع غير قابل للإنكار لأنّه ملقى من الله سبحانه وتعالى على قلب الرسول صلىاللهعليهوآله : (قُلْ إِنَّ رَبّى يَقْذِفُ بِالْحَقّ عَلمُ الْغُيُوبِ).
«يقذف» : من مادة «قذف» وهو الرمي البعيد. والمقصود ب «يقذف» بالحق هو الكتب السماوية والوحي الإلهي على قلوب الأنبياء والمرسلين ، ولأنّه سبحانه وتعالى هو علّام الغيوب ، فهو يعلم بالقلوب المهيّأة ، فينتخبها ويقذف الوحي فيها حتى ينفذ إلى أعماقها.
ويحتمل أن يكون المقصود بتعبير «القذف» هنا هو نفوذ حقّانية القرآن إلى نقاط العالم القريبة والبعيدة ، وهي إشارة إلى أنّ هذا الوحي السماوي سيضيء جميع العالم بنوره في نهاية الأمر.
بعدئذ ولزيادة التأكيد يضيف سبحانه وتعالى : (قُلْ جَاءَ الْحَقُّ وَمَا يُبْدِئُ الْبَاطِلُ وَمَا يُعِيدُ). وعليه فلن يكون للباطل أي دور مقابل الحق ، لا خطّة اولى جديدة ، ولا خطّة معادة ، ولهذا السبب فلم يتمكّن الباطل من طمس نور الحق ومحو أثره من القلوب.
ثم يضيف تعالى لأجل إيضاح أنّ ما يقوله صلىاللهعليهوآله هو من الله ، وأنّ كل هداية منه ، وأن ليس هناك أدنى خطأ أو نقص في الوحي الإلهي : (قُلْ إِن ضَلَلْتُ فَإِنَّمَا أَضِلُّ عَلَى نَفْسِى وَإِنِ اهْتَدَيْتُ فَبِمَا يُوحِى إِلَىَّ رَبّى). أي : إنّني لو اتّكلت على نفسي فسوف أضلّ ، لأنّ الإهتداء إلى طريق الحق من بين أكداس الباطل ليس ممكناً بغير إمداد الله ، ونور الهداية الذي ليس فيه ضلال وتيه هو نور الوحي الإلهي.
وفي ختام الآية يضيف تعالى : (إِنَّهُ سَمِيعٌ قَرِيبٌ).
__________________
(١) سورة الشورى / ٢٣.