الأبد.
ذكر (الملائكة) من بين المعبودات التي كان المشركون يعبدونها ، إمّا لأنّ الملائكة أشرف المخلوقات التي عبدها الضالّون ، أو أنّه من قبيل أنّ عبدة الأوثان كانوا يعتقدون بأنّ الأحجار والأخشاب هي مظهر ونموذج لموجودات علوية (كالملائكة وأرواح الأنبياء) ، ولذا عبدوها.
والآن لننظر ماذا تقول الملائكة للإجابة على سؤال الباريء عزوجل؟ لقد اختارت الملائكة في الحقيقة أكثر الأجوبة شمولية وأعظمها أدباً : (قَالُوا سُبْحَانَكَ أَنتَ وَلِيُّنَا مِن دُونِهِم بَلْ كَانُوا يَعْبُدُونَ الْجِنَّ أَكْثَرُهُم بِهِم مُؤْمِنُونَ).
والمقصود (بالجن) هو (الشيطان) وسائر الموجودات الخبيثة التي شجّعت عبدة الأوثان على ذلك العمل ، وعليه فإنّ المراد من عبادة الجن هي تلك الطاعة والإنقياد لأوامرها والرضى بأضاليلها.
لذا ـ وكاستخلاص للنتيجة ـ تقول الآية الكريمة التي بعدها : (فَالْيَوْمَ لَايَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَّفَعًا وَلَا ضَرًّا). وبناءً على ذلك فلا الملائكة ـ الذين هم ظاهراً معبودون ـ يستطيعون الشفاعة لهم ، ولا هم يستطيعون مساعدة بعضهم البعض.
(وَنَقُولُ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ذُوقُوا عَذَابَ النَّارِ الَّتِى كُنتُم بِهَا تُكَذّبُونَ).
التعبير عن «الكفر» ب «الظلم». أو عن «الكافرين والمشركين» ب «الظالمين» ، ذلك لأنّهم قبل كل شيء ظلموا أنفسهم بخلعهم تاج العبودية لله عن رؤوسهم.
وفي الحقيقة فإنّهم سيعاقبون يوم القيامة على شركهم وعلى إنكارهم للمعاد.
(وَإِذَا تُتْلَى عَلَيْهِمْ آيَاتُنَا بَيِّنَاتٍ قَالُوا مَا هذَا إِلَّا رَجُلٌ يُرِيدُ أَنْ يَصُدَّكُمْ عَمَّا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُكُمْ وَقَالُوا مَا هذَا إِلَّا إِفْكٌ مُفْتَرًى وَقَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلْحَقِّ لَمَّا جَاءَهُمْ إِنْ هذَا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ (٤٣) وَمَا آتَيْنَاهُمْ مِنْ كُتُبٍ يَدْرُسُونَهَا وَمَا أَرْسَلْنَا إِلَيْهِمْ قَبْلَكَ مِنْ نَذِيرٍ (٤٤) وَكَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَمَا بَلَغُوا مِعْشَارَ مَا آتَيْنَاهُمْ فَكَذَّبُوا رُسُلِي فَكَيْفَ كَانَ نَكِيرِ) (٤٥)
بأيّ منطق ينكرون آيات الله : تعود هذه الآيات لتكمل البحث الذي تناولته الآيات