ودمّرناهم تدميراً : (وَكُلًّا تَبَّرْنَا تَتْبِيرًا) (١).
وفي نهاية المطاف ـ في الآية الأخيرة مورد البحث ـ يشير القرآن المجيد إلى خرائب مدن قوم لوط التي تقع على بداية طريق الحجازيين إلى الشام ، وإلى الأثر الحي الناطق عن المصير الأليم لُاولئك الملوثين والمشركين ، فيقول تعالى : (وَلَقَدْ أَتَوْا عَلَى الْقَرْيَةِ الَّتِى أُمْطِرَتْ مَطَرَ السَّوْءِ أَفَلَمْ يَكُونُوا يَرَوْنَهَا).
نعم ، لقد كانوا يرون مشهد الخرائب هذه ، لكنّهم لم يأخذوا منها العبرة ، ذلك لأنّهم : (بَلْ كَانُوا لَايَرْجُونَ نُشُورًا).
(وَإِذَا رَأَوْكَ إِنْ يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُواً أَهذَا الَّذِي بَعَثَ اللهُ رَسُولاً (٤١) إِنْ كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنْ آلِهَتِنَا لَوْ لَا أَنْ صَبَرْنَا عَلَيْهَا وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً (٤٢) أَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلهَهُ هَوَاهُ أَفَأَنْتَ تَكُونُ عَلَيْهِ وَكِيلاً (٤٣) أَمْ تَحْسَبُ أَنَّ أَكْثَرَهُمْ يَسْمَعُونَ أَوْ يَعْقِلُونَ إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلاً) (٤٤)
الآيات الحالية تتناول لوناً آخر من منطق المشركين وكيفية تعاملهم مع رسول الخاتم صلىاللهعليهوآله ودعوته الحقة. يقول تعالى أوّلاً : (وَإِذَا رَأَوْكَ إِن يَتَّخِذُونَكَ إِلَّا هُزُوًا أَهذَا الَّذِى بَعَثَ اللهُ رَسُولاً).
ثم يواصل القرآن ذكر مقولات المشركين فينقل عن لسانهم : (إِن كَادَ لَيُضِلُّنَا عَنءَالِهَتِنَا لَوْلَا أَن صَبَرْنَا عَلَيْهَا).
لكن القرآن يجيبهم من عدّة طرق ، ففي البداية من خلال جملة واحدة حاسمة يرد على مقولات هذه الفئة التي ما كانت أهلاً للمنطق : (وَسَوْفَ يَعْلَمُونَ حِينَ يَرَوْنَ الْعَذَابَ مَنْ أَضَلُّ سَبِيلاً).
يمكن أن يكون هذا العذاب إشارة إلى عذاب القيامة ، أو عذاب الدنيا مثل الهزيمة المنكرة يوم «بدر» وأمثالها.
__________________
(١) «تتبير» : من مادة «تبر» (على وزن ضرر ، وعلى وزن صبر) بمعنى الإهلاك التام.