أشفق من غلبة الجهّال
ودول الضلال» .
فقد نزل النصر
والمدد الإلهي على موسى في تلك الحال ، وبيّن له الوحي الإلهي أنّ النصر حليفه كما
يقول القرآن : (قُلْنَا لَاتَخَفْ
إِنَّكَ أَنتَ الْأَعْلَى).
فقد أرجعت
لموسى إطمئنانه الذي تزلزل للحظات قصيرة.
وخاطبه الله
مرّة اخرى بقوله تعالى : (وَأَلْقِ مَا فِى
يَمِينِكَ تَلْقَفْ مَا صَنَعُوا إِنَّمَا صَنَعُوا كَيْدُ سَاحِرٍ وَلَا يُفْلِحُ
السَّاحِرُ حَيْثُ أَتَى).
وممّا يلفت
النظر أنّه لم يقل (الق عصاك) بل يقول : (أَلْقِ مَا فِى
يَمِينِكَ) وربّما كان هذا التعبير إشارة إلى عدم الإهتمام بالعصا
، وإشارة إلى أنّ العصا ليست مسألة مهمّة ، بل المهم إرادة الله وأمره ، فإنّه إذا
أراد الله شيئاً ، فليست العصا فقط ، بل أقل وأصغر منها قادر على إظهار مثل هذه
القدرة.
(فَأُلْقِيَ
السَّحَرَةُ سُجَّداً قَالُوا آمَنَّا بِرَبِّ هَارُونَ وَمُوسَى (٧٠) قَالَ
آمَنْتُمْ لَهُ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ إِنَّهُ لَكَبِيرُكُمُ الَّذِي
عَلَّمَكُمُ السِّحْرَ فَلَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَأَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلَافٍ
وَلَأُصَلِّبَنَّكُمْ فِي جُذُوعِ النَّخْلِ وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنَا أَشَدُّ
عَذَاباً وَأَبْقَى (٧١) قَالُوا لَنْ
نُؤْثِرَكَ عَلَى مَا جَاءَنَا مِنَ الْبَيِّنَاتِ وَالَّذِي فَطَرَنَا فَاقْضِ
مَا أَنْتَ قَاضٍ إِنَّمَا تَقْضِي هذِهِ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا (٧٢) إِنَّا
آمَنَّا بِرَبِّنَا لِيَغْفِرَ لَنَا خَطَايَانَا وَمَا أَكْرَهْتَنَا عَلَيْهِ
مِنَ السِّحْرِ وَاللهُ خَيْرٌ وَأَبْقَى (٧٣) إِنَّهُ
مَنْ يَأْتِ رَبَّهُ مُجْرِماً فَإِنَّ لَهُ جَهَنَّمَ لَا يَمُوتُ فِيهَا وَلَا
يَحْيَى (٧٤) وَمَنْ
يَأْتِهِ مُؤْمِناً قَدْ عَمِلَ الصَّالِحَاتِ فَأُولئِكَ لَهُمُ الدَّرَجَاتُ
الْعُلَى (٧٥) جَنَّاتُ
عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا
الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ جَزَاءُ مَنْ تَزَكَّى) (٧٦)
الإنتصار
العظيم لموسى عليهالسلام : إنتهينا في الآيات السابقة إلى أنّ موسى امر أن يلقي
عصاه ليبطل سحر السّاحرين ، وقد عُقّبت هذه المسألة في هذه الآية ، غاية الأمر أنّ
العبارات والجمل التي كانت واضحة قد حذفت ، وهي (أنّ موسى قد ألقى عصاه ، فتحوّلت
إلى حيّة
__________________