كل طرف بشكل كامل. تقول الآية : (إِنَّ الَّذِينَءَامَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَانَتْ لَهُمْ جَنتُ الْفِرْدَوْسِ نُزُلاً). «الفردوس» : البستان الذي يشتمل على كل النعم والمواهب اللازمة ، وبذلك فالفردوس هو أفضل وأكمل البساتين في الجنة.
وبما أنّ كمال النعم بدوامها وأن لا تطالها يد الزوال ، لذا فإنّ الآية تقول : (خلِدِينَ فِيهَا). وبالرغم من أنّ طبع الإنسان قائم على التغيّر والتنوع ، إلّاأنّ سكّان الجنة لا يطلبون تغيير مكانهم أو حالهم أبداً : (لَايَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلاً). ذلك لأنّهم يجدون كل ما يطلبون حتى التنوع والتكامل كما سيأتي شرح ذلك.
(قُلْ لَوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَاداً لِكَلِمَاتِ رَبِّي لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَنْ تَنْفَدَ كَلِمَاتُ رَبِّي وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَداً (١٠٩) قُلْ إِنَّمَا أَنَا بَشَرٌ مِثْلُكُمْ يُوحَى إِلَيَّ أَنَّمَا إِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ فَمَنْ كَانَ يَرْجُو لِقَاءَ رَبِّهِ فَلْيَعْمَلْ عَمَلاً صَالِحاً وَلَا يُشْرِكْ بِعِبَادَةِ رَبِّهِ أَحَداً) (١١٠)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان عن ابن عباس قال : لمّا نزل قوله (وَمَا أُوتِيتُم مِّنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلاً) (١) ، قالت اليهود : أوتينا علماً كثيراً ، أوتينا التوراة ، وفيها علم كثير ، فأنزل الله هذه الآية (قُلْ لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمتِ رَبّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمتُ رَبّى).
التّفسير
الذين يأملون لقاء الله : الآيات أعلاه في نفس الوقت الذي تبحث بحثاً مستقلاً ، إلّاأنّها متصلة مع بحوث هذه السورة ، وكأنّما القرآن يريد أن يقول في هذه الآيات : إنّ الإطلاع على قصة أصحاب الكهف ، وموسى والخضر ، وذي القرنين ، يعتبر لا شيء إزاء علم الله غير المحدود. القرآن الكريم يخاطب الرسول صلىاللهعليهوآله ـ في أوّل آية نبحثها ـ بقوله : (قُلْ لَّوْ كَانَ الْبَحْرُ مِدَادًا لِّكَلِمتِ رَبّى لَنَفِدَ الْبَحْرُ قَبْلَ أَن تَنفَدَ كَلِمتُ رَبّى وَلَوْ جِئْنَا بِمِثْلِهِ مَدَدًا).
«مداد» : تعني الحبر ، أو أي مادة ملوّنة تساعد في الكتابة.
«كلمات» : جمع كلمة ، وهي في الأصل تعني الألفاظ التي يتمّ التحدّث بها. أو بعبارة
__________________
(١) سورة الإسراء / ٨٥.