ذلك كله ، فإنّها (أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ).
ثم يضيف قائلاً عنها : (وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ).
فإذا كان الثواب والعقاب بيد الأصنام ، فلا أقل من معرفتها بوقت بعث عبادهنّ ، ومع جهلها بيوم البعث والحساب كيف تكون لائقة للعبادة؟!
وهذه هي الصفة الخامسة التي يجب توفرها في المعبود الحقيقي وتفتقدها الأصنام.
إنّ مفهوم الصنم وعبادة الأصنام في المنطق القرآني أوسع من أنّ يحدد بالآلهة المصنوعة ، فكل موجود نجعله ملجأ لنا مقابل الله عزوجل ، ونسلّم له أمر مصائرنا ، فهو صنم وإن كان بشراً.
ولهذا فكل ما جاء في الآيات أعلاه يشمل الذين يعبدون الله بألسنتهم ، ولكن في واقع حياتهم مستسلمون لمعبود ضعيف ، وقد تبعوه لكونه المخلص لهم من دون الله ، بعد أن فقد زمام استقلال المؤمن الحق.
وبعد هذه الإستدلالات الحيّة والواضحة على عدم صلاحية الأصنام يخلص القرآن إلى النتيجة المنطقية لما ذكر : (إِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ).
وبما أنّ العلاقة بين المبدأ والمعاد مترابطة ربطاً لا انفصام فيه ، يضيف القرآن الكريم من غير فاصلة : (فَالَّذِينَ لَايُؤْمِنُونَ بِالْأَخِرَةِ قُلُوبُهُم مُّنكِرَةٌ وَهُم مُّسْتَكْبِرُونَ). فأدلة التوحيد والمعاد قائمة لمن أراد الحق وطلب الحقيقة ، إلّاأنّ سبب عدم قبول الحق وإنكاره يرجع إلى حالة الإستكبار وعدم التسليم له ، ويصبح ملكة في وجود المنكرين.
ثم تتطرق الآية الأخيرة إلى علم الله في الغيب والشهادة : (لَاجَرَمَ أَنَّ اللهَ يَعْلَمُ مَا يُسِرُّونَ وَمَا يُعْلِنُونَ).
والآية في واقعها تهديد للكفار وأعداء الحق ، بأنّ الله عزوجل ليس بغافل عنهم.
فهم مستكبرون و (إِنَّهُ لَايُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ). والإستكبار على الحق من علامات الجهل بالله عزوجل.
* * *