وَطَمَعًا). فالبرق بشعاعه يبهر العيون من جانب ، ومن جانب آخر فإنّه يسبّب هطول الأمطار ويروي ظمأ الصحراء ويسقي المزروعات فيطمع فيه الناس ، وبين هذا الخوف والرجاء تمرّ عليهم لحظات حساسة
ثم تضيف الآية : (وَيُنشِئُ الْسَّحَابَ الْثّقَالَ) القادرة على إرواء ظمأ الأراضي الزراعية.
الآية الاخرى تشير إلى صوت الرعد الذي يتزامن مع البرق (وَيُسَبّحُ الرَّعْدُ بِحَمْدِهِ).
نعم ، فهذا الصوت المدوّي في عالم الطبيعة يُضرب به المثل ، فهو مع البرق في خدمة هدف واحد ، ويقومان بعملية التسبيح ، وبعبارة اخرى فالرعد لسان حال البرق يحكي عن عظمة الخالق وعن نظام التكوين.
وليس الرعد وسائر أجزاء العالم تسبّح بحمده تعالى ، بل حتى الملائكة (وَالْمَلِكَةُ مِنْ خِيفَتِهِ). فهم يخافون من تقصيرهم في تنفيذ الأوامر الملقاة على عاتقهم ، وبالتالي فهم يخشون العقاب الإلهي ، ونحن نعلم أنّ الخوف يُصيب اولئك الذين يحسّون بمسؤولياتهم ووظائفهم ... خوف بنّاء يحثّ الشخص على السعي والحركة.
وللتوضيح أكثر في مجال البرق والرعد تشير الآية إلى الصاعقة : (وَيُرْسِلُ الصَّوَاعِقَ فَيُصِيبُ بِهَا مَن يَشَاءُ). ومع كل ذلك ـ وبمشاهدة آيات العظمة الإلهية في عالم التكوين من السماء والأرض والنباتات والأشجار والبرق والرعد وأمثالها ، وفي قدرة الإنسان الحقيرة تجاه هذه الحوادث ، حتى في مقابل واحدة منها مثل شرارة البرق ـ نرى أنّ هناك جماعة جاهلة تجادل في الله (وَهُمْ يُجَادِلُونَ فِى اللهِ وَهُوَ شَدِيدُ الْمِحَالِ).
«المحال» : في الأصل «الحيلة» بمعنى التدبير السرّي وغير الظاهر ، فالذي له القدرة على هذا التدبير يمتلك العلم والحكمة العالية ، ولهذا السبب يستطيع أن ينتصر على أعدائه ولا يمكن الفرار من حكومته.
الآية الأخيرة تشير إلى مطلبين :
الأوّل : قوله تعالى : (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقّ). فهو يستجيب لدعواتنا ، وهو عالم بدعاء العباد وقادر على قضاء حوائجهم ، ولهذا السبب يكون دعاؤنا إيّاه وطلبنا منه حقاً ، وليس باطلاً.
ولكن دعاء الأصنام باطل (وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِن دُونِهِ لَايَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَىْءٍ).
ولتصوير هذا الموضوع يضرب لنا القرآن الكريم مثالاً حيّاً ورائعاً يقول : (إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ). فهل يستطيع أحد أن يجلس على بئر ويطلب الماء بإشارة يدٍ ليبلغ الماء فاه؟ هذا العمل لا يصدر إلّامن إنسان مجنون.