يلفت النظر أنّ من عوارض الطاعون اضطراباً في المشي والكلام ، وهذا يتناسب مع أصل معنى «الرجز» تماماً.
ومن الملفت للنظر أيضاً أنّ القرآن يؤكد أنّ هذا العذاب نزل (عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا) فقط ، ولم يشمل جميع بني إسرائيل.
والآية الكريمة بعد ذلك تبين بشكل غير مباشر سنة من سنن الله تعالى ، هي أنّ الذنب حينما يتعمق في المجتمع ويصبح عادة اجتماعية ، عند ذاك يقترب احتمال نزول العذاب الإلهى.
(وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللهِ وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) (٦٠)
انفجار العيون في الصحراء : تذكير آخر بنعمة اخرى من نعم الله على بني إسرائيل : وهذا التذكير تشير إليه كلمة «إذ» المقصود منها (واذكروا إذ) ، وهذه النعمة أغدقها الله عليهم ، حين كان بنو إسرائيل في أمسّ الحاجة إلى الماء وهم في وسط صحراء قاحلة ، فطلب موسى عليهالسلام من الله عزوجل الماء : (وَإِذِ اسْتَسْقَى مُوسَى لِقَوْمِهِ) فتقبل الله طلبه ، وأمر نبيّه أن يضرب الحجر بعصاه : (فَقُلْنَا اضْرِبْ بِّعَصَاكَ الْحَجَرَ فَانفَجَرتْ مِنْهُ اثْنَتَا عَشْرَةَ عَيْنًا) بعدد قبائل بني إسرائيل.
وكل عين جرت نحو قبيلة بحيث أنّ كل قبيلة كانت تعرف العين التي تخصّها (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُمْ).
كثرت الأقوال في طبيعة الحجر الذي انفجرت منه العيون.
قال بعض المفسرين : إنّ هذا الحجر كان في ثنايا الجبال المطلة على الصحراء وتدل جملة «انبجست» الواردة في الآية (١٦٠) من سورة الأعراف على أنّ المياه جرت قليلة أوّلاً ، ثم كثرت حتى ارتوى منها كل قبائل بني إسرائيل مع مواشيهم ودوابهم.
ظاهرة انفجار المياه من الصخور طبيعية لكن الحادثة هنا مقرونة بالإعجاز.
لقد منّ الله على بني إسرائيل بإنزال المن والسلوى ، وفي هذه المرة يمنّ عليهم بالماء الذي يعز في تلك الصحراء القاحلة ، ثم يقول سبحانه لهم : (كُلُوا وَاشْرَبُوا مِنْ رِّزْقِ اللهِ وَلَا تَعْثَوْا فِى الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ).