وحدها يصطاد من هذا الطائر ١٦ ألفاً في الفصل الواحد ... هذا الطائر يجتاز طريق بحر القلزم ، وخليج العقبة والسويس ، ويدخل شبه جزيرة سيناء. وبعد دخوله لا يستطيع أن يطير في إرتفاعات شاهقة لشدة ما لاقاه من تعب وعناء في الطريق ، فيطير على إرتفاع منخفض ولذلك يمكن اصطياده بسهولة» (١).
يستفاد من هذا النص أنّ المقصود بالسلوى طير خاص سمين يشبه الحمام معروف في تلك الأرض.
٢ ـ لماذا قالت الآية «أنزلنا»؟ عبرت الآية الكريمة عن نعمة تقديم المن والسلوى بالإنزال ، وليس الإنزال دائماً إرسال الشيء من مكان عال ، كقوله تعالى : (وَأَنزَلَ لَكُمْ مِنَ الْأَنْعَامِ ثَمَانِيَةَ أَزْوَاجٍ) (٢).
واضح أنّ الأنعام لم تهبط من السماء ، من هنا فالإنزال في مثل هذه المواضع :
إمّا أن يكون «نزولاً مقامياً» ، أي نزولاً من مقام أسمى إلى مقام أدنى.
أو أن يكون من «الإنزال» بمعنى الضيافة ، يقال أنزلت فلاناً : أي أضفته ، والنزل (على وزن رُسُل) ما يعدّ للنازل من الزاد ، ومنه قوله تعالى : (فَنُزُلٌ مِنْ حَمِيمٍ) (٣). وقوله سبحانه : (خَالِدِينَ فِيهَا نُزُلاً مِن عِندِ اللهِ) (٤).
وتعبير «الإنزال» للمن والسلوى ، قد يشير إلى أنّ بني إسرائيل كانوا ضيوف الله في الأرض ، فاستضافهم بالمن والسلوى.
٣ ـ ما هو الغمام؟ قيل : الغمام والسحاب بمعنى واحد ، وقيل الغمام هو السحاب الأبيض ، وذكروا في وصفه أنّه أبرد من السحاب وأرق ، والغمام في الأصل من الغم وهو تغطية الشيء ، وسمي الغمام بهذا الاسم لأنّه يغطي صفحة السماء ، وسمي الهمّ غماً بهذا الاسم لأنّه يحجب القلب (٥).
__________________
(١) قاموس الكتاب المقدس / ٤٨٣.
(٢) سورة الزمر / ٦.
(٣) سورة الواقعة / ٩٣.
(٤) سورة آل عمران / ١٩٨.
(٥) تفسير روح المعاني ١ / ٢٦٣ ؛ والمفردات للراغب ، مادة «غمّ».