فكانوا ينادون بكل صراحة وشجاعة ، و (يَقُولُونَ رَبَّنَاءَامَنَّا فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ).
لقد كان تأثّرهم بالآيات القرآنية من الشدة بحيث إنّهم كانوا يقولون : (وَمَا لَنَا لَانُؤْمِنُ بِاللهِ وَمَا جَاءَنَا مِنَ الْحَقّ وَنَطْمَعُ أَن يُدْخِلَنَا رَبُّنَا مَعَ الْقَوْمِ الصَّالِحِينَ).
الآيتان الأخيرتان فيهما إشارة إلى مصير هاتين الطائفتين وإلى عقابهما وثوابهما ، اولئك الذين أظهروا المودة للمؤمنين وخضعوا لآيات الله وأظهروا إيمانهم بكل شجاعة وصراحة : (فَأَثَابَهُمُ اللهُ بِمَا قَالُوا جَنَّاتٍ تَجْرِى مِن تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَذلِكَ جَزَاءُ الْمُحْسِنِينَ) (١).
وأمّا اولئك الذين ساروا في طريق العداء والعناد فتقول الآية عنهم : (وَالَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بَايَاتِنَا أُولئِكَ أَصْحَابُ الْجَحِيمِ).
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللهُ لَكُمْ وَلَا تَعْتَدُوا إِنَّ اللهَ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ (٨٧) وَكُلُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللهُ حَلَالاً طَيِّباً وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (٨٨) لَا يُؤَاخِذُكُمُ اللهُ بِاللَّغْوِ فِي أَيْمَانِكُمْ وَلكِنْ يُؤَاخِذُكُمْ بِمَا عَقَّدْتُمُ الْأَيْمَانَ فَكَفَّارَتُهُ إِطْعَامُ عَشَرَةِ مَسَاكِينَ مِنْ أَوْسَطِ مَا تُطْعِمُونَ أَهْلِيكُمْ أَوْ كِسْوَتُهُمْ أَوْ تَحْرِيرُ رَقَبَةٍ فَمَنْ لَمْ يَجِدْ فَصِيَامُ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ ذلِكَ كَفَّارَةُ أَيْمَانِكُمْ إِذَا حَلَفْتُمْ وَاحْفَظُوا أَيْمَانَكُمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللهُ لَكُمْ آيَاتِهِ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ) (٨٩)
سبب النّزول
لا تتجاوزوا الحدود : في تفسير القمي عن الإمام الصادق عليهالسلام قال : نزلت هذه الآية في أمير المؤمنين عليهالسلام وبلال وعثمان بن مظعون ، فأمّا أمير المؤمنين عليهالسلام فحلف أن لا ينام بالليل أبداً وأمّا بلال فإنّه حلف أن لا يفطر بالنهار أبداً وأمّا عثمان بن مظعون فإنّه حلف أن لا ينكح أبداً فدخلت امرأة عثمان على عائشة وكانت امرأة جميلة ، فقالت عائشة ما لي أراك معطلة فقالت ولمن أتزين فوالله ما قاربني زوجي منذ كذا وكذا فإنّه قد ترهب ولبس
__________________
(١) «أثابهم» : من الثواب وهي في الأصل بمعنى العودة وما يرجع إلى الإنسان من جزاء أعماله.