تشير هذه الآيات إلى المصير المشؤوم الذي انتهى إليه الكافرون السابقون ، لكي يعتبر به أهل الكتاب فلا يتّبعونهم إتّباعاً أعمى ، فيقول : (لُعِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا مِن بَنِى إِسْرَاءِيلَ عَلَى لِسَانِ دَاوُودَ وَعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ).
فالآية تشير إلى أنّ مجرد كون الإنسان من بني إسرائيل ، أو من أتباع المسيح دون أن ينسجم مع خط سيرهما ، لا يكون مدعاة لنجاته ، بل إنّ هذين النبيين قد لعنا من كان على هذه الشاكلة من الناس.
وفي آخر الآية توكيد لهذا الأمر وبيان للسبب : (ذلِكَ بِمَا عَصَوا وَّكَانُوا يَعْتَدُونَ).
وتتحرك الآية التالية من موقع الذم ولتقريع لتؤكّد أنّ هؤلاء لم يعترفوا أبداً بأنّ عليهم مسؤولية اجتماعية ، ولم يكونوا يتناهون عن المنكر ، بل إنّ بعضاً من صلحائهم كانوا بسكوتهم وممالاتهم يشجّعون العصاة عملياً (كَانُوا لَايَتَنَاهَوْنَ عَن مُّنكَرٍ فَعَلُوهُ) لذلك فقد كانت أعمالهم سيئة وقبيحة : (لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ).
في تفسير العياشي عن الإمام الصّادق عليهالسلام في قوله : (كَانُوا لَايَتَنَاهَوْنَ عَن مُنكَرٍ فَعَلُوهُ لَبِئْسَ مَا كَانُوا يَفْعَلُونَ) قال : «أمّا أنّهم لم يكونوا يدخلون مداخلهم ولا يجلسون مجالسهم ولكن كانوا إذا لقوهم ضحكوا في وجوههم وآنسوا بهم».
الآية الثالثة تشير إلى معصية اخرى من معاصيهم : (تَرَى كَثِيرًا مّنْهُمْ يَتَوَلَّوْنَ الَّذِينَ كَفَرُوا).
من البديهي أنّ صداقتهم لأولئك لم تكن صداقة عادية ، بل كانت ممتزجة بأنواع المعاصي ، وكانوا يشجّعون الأعمال والأفكار الخاطئة ، لذلك أدانت الآية في عباراتها الأخيرة الأعمال التي قدّموها ليوم المعاد ، تلك الأعمال التي استوجبت غضب الله وعذابه الدائم : (لَبِئْسَ مَا قَدَّمَتْ لَهُمْ أَنفُسُهُمْ أَن سَخِطَ اللهُ عَلَيْهِمْ وَفِى الْعَذَابِ هُمْ خَالِدُونَ).
(وَلَوْ كَانُوا يُؤْمِنُونَ بِاللهِ وَالنَّبِيِّ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْهِ مَا اتَّخَذُوهُمْ أَوْلِيَاءَ وَلكِنَّ كَثِيراً مِنْهُمْ فَاسِقُونَ) (٨١)
هذه الآية تبيّن لهم طريق النجاة من نهجهم الخاطىء ، وهو أنّهم لو كانوا حقاً يؤمنون