هذه الأكثرية الضالة ، حيث تقول الآية : (مّنْهُمْ أُمَّةٌ مُّقْتَصِدَةٌ وَكَثِيرٌ مّنْهُمْ سَاءَ مَا يَعْمَلُونَ).
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ مِنْ رَبِّكَ وَإِنْ لَمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ) (٦٧)
اختيار الخليفة مرحلة إنتهاء الرسالة : هذه الآية تتوجّه بالخطاب إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله وحده وتبيّن له واجبه ، فهي تبدأ بمخاطبة الرّسول : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ) وتأمره بكل جلاء ووضوح أن (بَلّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبّكَ).
ثم لكي يكون التوكيد أشد وأقوى ، تحذّره وتقول : (وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ).
ثم تُطمئن الآية الرسول صلىاللهعليهوآله ـ وكأنّ أمراً يقلقه ـ وتطلب منه أن يهدىء من روعه وأن لا يخشى الناس ، فيقول له : (وَاللهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ).
وفي ختام الآية إنذار وتهديد بمعاقبة الذين ينكرون هذه الرسالة الخاصة ويكفرون بها عناداً ، فتقول : (إِنَّ اللهَ لَايَهْدِى الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ).
أسلوب هذه الآية ، ولحنها الخاص ، يدل على أنّ الكلام يدور حول أمر مهم جدّاً بحيث إنّ عدم تبليغه يعتبر عدم تبليغ للرسالة كلها.
فما هذه المسألة المهمة التي برزت في الشهور الأخيرة من حياة الرسول صلىاللهعليهوآله بحيث تنزل هذه الآية وفيها كل ذلك التوكيد؟
ليس ثمّة شك أنّ قلق الرسول صلىاللهعليهوآله لم يكن لخوف على شخصه وحياته ، وإنّما كان لما يحتمله من مخالفات المنافقين وقيامهم بوضع العراقيل في طريق المسلمين.
هل هناك مسألة تستطيع أن تحمل كل هذه الصفات غير مسألة استخلاف النبي صلىاللهعليهوآله وتعيين مصير مستقبل الإسلام؟!
في مختلف الكتب التي كتبها علماء من أهل السنة في التفسير والحديث والتأريخ ، أوردوا فيها روايات كثيرة تقول جميعها بصراحة : إنّ الآية المذكورة قد نزلت في علي عليهالسلام.
حادثة الغدير بايجاز : إنّه في السنة الأخيرة من حياة النبي صلىاللهعليهوآله أدّى المسلمون مع رسول الله صلىاللهعليهوآله حجّة الوداع في عظمة وجلال.
لم يكن أهل المدينة وحدهم قد رافقوا النبي صلىاللهعليهوآله في هذه الحجة ، بل إلتحق بركبه مسلمون توافدوا من سائر أنحاء الجزيرة العربية لينالوا شرف الصحبة في هذه الحجة.