لأجل استثارة عواطف المؤمنين واستقطاب انتباهم إلى فلسفة هذا الحكم خاطبهم بهذا الاسلوب ، كما تقول الآية : (يَا أَيُّهَا الَّذِينَءَامَنُوا لَاتَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُوًا وَلَعِبًا مِّنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِن قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ).
ولتأكيد التحذير تقول الآية في الختام : (وَاتَّقُوا اللهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ). بمعنى أنّ التودد مع الأعداء والمنافقين لا يتناسب والتقوى والإيمان أبداً.
والآية الثانية تتابع البحث في النهي عن التودد إلى المنافقين وجماعة من أهل الكتاب الذين كانوا يستهزؤون بأحكام الإسلام ، وتشير إلى إحدى ممارساتهم الإستهزائية دليلاً وشاهداً على هذا الأمر ، فتقول : (وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَوةِ اتَّخَذُوهَا هُزُوًا وَلَعِبًا).
بعد ذلك تبين الآية الكريمة دوافع هذا الإستهزاء ، فتذكر أنّ هذه الجماعة إنّما تفعل ذلك لجهلها وابتعادها عن الحقائق ، فتقول : (ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَّايَعْقِلُونَ).
ورد في روايات أهل البيت عليهمالسلام من أنّ الأذان نزل وحياً على النبي صلىاللهعليهوآله.
(قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِاللهِ وَمَا أُنْزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ (٥٩) قُلْ هَلْ أُنَبِّئُكُمْ بِشَرٍّ مِنْ ذلِكَ مَثُوبَةً عِنْدَ اللهِ مَنْ لَعَنَهُ اللهُ وَغَضِبَ عَلَيْهِ وَجَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَالْخَنَازِيرَ وَعَبَدَ الطَّاغُوتَ أُولئِكَ شَرٌّ مَكَاناً وَأَضَلُّ عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) (٦٠)
سبب النّزول
في تفسير القرطبي (وفي المجمع أيضاً) قال ابن عباس : جاء نفر من اليهود ـ فيهم أبو ياسر بن أخطب ورافع بن أبي رافع ـ إلى النبي صلىاللهعليهوآله فسألوه عمن يؤمن به الرسل عليهمالسلام ؛ فقال : نؤمن بالله وما أنزل إلينا وما أنزل على إبراهيم وإسماعيل إلى قوله «ونحن له مسلمون». فلما ذكر عيسى عليهالسلام جحدوا نبوّته وقالوا : والله ما نعلم أهل دين أقل حظّاً في الدنيا والآخرة منكم ولا ديناً شراً من دينكم ؛ فنزلت هذه الآية وما بعدها.
التّفسير
في هذه الآية يأمر الله نبيّه صلىاللهعليهوآله أن يسأل أهل الكتاب عن سبب اعتراضهم وانتقادهم للمسلمين ، وهل أنّ الإيمان بالله الواحد الأحد والإعتقاد بما أنزل على نبي الخاتم والأنبياء الذين سبقوه يجابه بالإعتراض والإنتقاد ، حيث تقول الآية : (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ