(وَمَنْ يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَ آمَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الْغَالِبُونَ) (٥٦)
جاءت هذه الآية مكمّلة لمضمون الآية السابقة وهي تؤكد وتتابع الهدف المقصود في تلك الآية وتعلن للمسلمين أنّ النصر سيكون حليف اولئك الذين يقبلون القيادة المتمثلة في الله ورسوله والذين آمنوا ، الذين أشارت إليهم الآية السابقة. وتصف الآية الذين قبلوا بهذه القيادة بأنّهم من حزب الله المنصورين دائماً ، حيث تقول : (وَمَن يَتَوَلَّ اللهَ وَرَسُولَهُ وَالَّذِينَءَامَنُوا فَإِنَّ حِزْبَ اللهِ هُمُ الغَالِبُونَ).
وتشتمل هذه الآية ـ أيضاً ـ على قرينة اخرى تؤكد المعنى المذكور في تفسير الآية السابقة لكلمة «الولاية» وهو الإشراف والتصرف والزعامة لأنّ عبارة «حزب الله» والتأكيد على أنّ الغلبة تكون لهذا الحزب ـ في الآية ـ لهما صلة بالحكومة الإسلامية ، ولا علاقة لهما بقضية الصدقة التي هي أمر بسيط وعادي وهذا يؤكد بنفسه أنّ الولاية ـ الواردة في الآية ـ تعني الإشراف والحكم والقيادة للمجتمع الاسلامي ، لأنّ معنى الحزب يتضمن التنظيم والتضامن والإجتماع لتحقيق أهداف مشتركة.
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَكُمْ هُزُواً وَلَعِباً مِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ مِنْ قَبْلِكُمْ وَالْكُفَّارَ أَوْلِيَاءَ وَاتَّقُوا اللهَ إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (٥٧) وَإِذَا نَادَيْتُمْ إِلَى الصَّلَاةِ اتَّخَذُوهَا هُزُواً وَلَعِباً ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لَا يَعْقِلُونَ) (٥٨)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان عن ابن عباس : كان رفاعة بن زيد وسويد بن الحرث قد أظهرا الإسلام ، ثم نافقا وكان رجال من المسلمين يوادونهما ، فنزلت الآية.
أمّا بخصوص سبب نزول الآية الثانية من هاتين الآيتين فقيل : إنّهم كانوا إذا أذّن المؤذن للصلاة ، تضاحكوا فيما بينهم ، وتغامزوا على طريق السُخْف والمجون (١) تجهيلاً لأهلها ، وتنفيراً للناس عنها ، وعن الداعي إليها.
التّفسير
يحذّر القرآن في الآية المؤمنين من اتّخاذ أصدقاء لهم من بين المنافقين والأعداء ، إلّاأنّه
__________________
(١) «السخف» : قلة العقل ؛ «المجون» : الصلابة والغلظة.