يوم بدر. فقال مالك بن ضيف : أغرّكم أن أصبتم رهطاً من قريش ، لا علم لهم
بالقتال ، أما لو أمرونا العزيمة أن نستجمع عليكم ، لم يكن لكم يدان بقتالنا! فجاء
عبادة بن الصامت الخزرجي إلى رسول الله صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله! إنّ لي أولياء من اليهود كثيراً
عددهم ، قوية أنفسهم ، شديدة شوكتهم وإنّي أبرأ إلى الله ورسوله من ولايتهم ، ولا
مولى لي إلّاالله ورسوله. فقال عبد الله بن ابي : لكني لا أبرأ من ولاية اليهود
لأنّي أخاف الدوائر ولابدّ لي منهم. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآله : «يا أبا الحباب! ما نفست به من ولاية اليهود على
عبادة بن الصامت ، فهو لك دونه». قال : إذاً أقبل. وأنزل الله الآية.
التّفسير
لقد حذّرت
الآيات الثلاث مورد البحث المسلمين ـ بشدّة ـ من الدخول في أحلاف مع اليهود
والنصارى ، فالآية الاولى منها تمنع المسلمين من التحالف مع اليهود والنصارى أو
الإعتماد عليهم (أي إنّ الإيمان بالله يوجب عدم التحالف مع هؤلاء إن كان ذلك
لأغراض ومصالح مادية) حيث تقول الآية : (يَا أَيُّهَا
الَّذِينَءَامَنُوا لَاتَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ).
«أولياء» :
صيغة جمع من «ولي» وهي مشتقة من مصدر «الولاية» وهي بمعنى التقارب الوثيق بين
شيئين ؛ لكن المراد هو منع المسلمين من التحالف مع اليهود والنصارى أو الإعتماد
عليهم في مواجهة الأعداء.
بعد ذلك تبين
الآية سبب هذا النهي في جملة قصيرة ، وتقول بأنّ هاتين الطائفتين إنّما هما أصدقاء
وحلفاء أشباههما من اليهود والنصارى حيث تقول : (بَعْضُهُمْ
أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ). أي إنّهما يهتّمان بمصالحهما ومصالح أصدقائهما فقط ،
ولا يعيران اهتماماً لمصالح المسلمين ، ولذلك فإنّ أيّ مسلم يقيم صداقة أو حلفاً مع
هؤلاء فإنّه سيصبح من حيث التقسيم الاجتماعي والديني جزءاً منهم ، حيث تؤكد الآية
هذا المعنى بقولها : (وَمَن يَتَوَلَّهُم
مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ).
وبديهي أنّ
الله لا يهدي الأفراد الظالمين الذين يرتكبون الخيانة بحق أنفسهم واخوانهم
وأخواتهم المسلمين والمسلمات ، ويعتمدون على أعداء الإسلام ، تقول الآية : (إِنَّ اللهَ لَا يَهدِى الْقَوْمَ
الظَّالِمِينَ).
وتشير الآية
التالية إلى الأعذار التي كان يتشبث بها أفراد ذوي نفوس مريضة لتبرير علاقاتهم
اللاشرعية مع الغرباء ، واعتمادهم عليهم وتحالفهم معهم ، مبررين ذلك بخوفهم من