ثم تحذّر الآية النبي صلىاللهعليهوآله من مؤامرة هؤلاء الذين أرادوا عدول النبي صلىاللهعليهوآله عن شرعة الحق والعدل وطالبته بأن يراقب تحرّكاتهم ، حيث تقول : (وَاحْذَرْهُمْ أَن يَفْتِنُوكَ عَن بَعْضِ مَا أَنزَلَ اللهُ إِلَيْكَ).
وأكّدت هذه الآية استمراراً لخطابها لنبي الخاتم محمّد صلىاللهعليهوآله أنّ أهل الكتاب هؤلاء إن لم يذعنوا لحكمه العادل فإنّ ذلك يكون دلالة على أنّ ذنوبهم وآثامهم قد طوّقتهم فحرمتهم من التوفيق ، وأنّ الله يريد أن يعاقبهم ويعذّبهم بسبب بعض ذنوبهم ، حيث تقول الآية : (فَإِن تَوَلَّوْا فَاعْلَمْ أَنَّمَا يُرِيدُ اللهُ أَن يُصِيبَهُم بِبَعْضِ ذُنُوبِهِم).
وتشير الآية في النهاية إلى أنّ إصرار هؤلاء القوم من أهل الكتاب على باطلهم يجب أن لا يكون باعثاً للقلق عند النبي لأنّ الكثير من الناس منحرفون عن طريق الحق ، أي أنّهم فاسقون ، حيث تقول الآية : (وَإِنَّ كَثِيرًا مِّنَ النَّاسِ لَفَاسِقُونَ).
أمّا الآية الاخرى فتساءلت بصيغة استفهام استنكاري : هل أنّ هؤلاء الذين يدّعون أنّهم أتباع الكتب السماوية يتوقّعون أن تحكم بينهم (الخطاب للنبي صلىاللهعليهوآله) بأحكام الجاهلية التي فيها أنواع التمايز المقيت؟ حيث تقول الآية : (أَفَحُكْمَ الْجَاهِلِيَّةِ يَبْغُونَ).
لكنّ أهل الإيمان لا يرون أيّ حكم أرفع وأفضل من حكم الله ، حيث تتابع الآية قولها : (وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللهِ حُكْمًا لِّقَوْمٍ يُوقِنُونَ).
وفي الكافي عن علي بن أبي طالب عليهالسلام أنّه قال : «الحكم حكمان : حكم الله ، وحكم الجاهلية ، فمن أخطأ حكم الله حكم بحكم الجاهلية».
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاءَ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ وَمَنْ يَتَوَلَّهُمْ مِنْكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ إِنَّ اللهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ (٥١) فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِمْ يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنْفُسِهِمْ نَادِمِينَ (٥٢) وَيَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا أَهؤُلَاءِ الَّذِينَ أَقْسَمُوا بِاللهِ جَهْدَ أَيْمَانِهِمْ إِنَّهُمْ لَمَعَكُمْ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فَأَصْبَحُوا خَاسِرِينَ) (٥٣)
سبب النّزول
في تفسير مجمع البيان : إختلف في سبب نزوله ، وإن كان حكمه عاماً لجميع المؤمنين. قيل : لما انهزم أهل بدر ، قال المسلمون لأوليائهم من اليهود : آمنوا قبل أن يصيبكم الله بيوم مثل