عقوبة السرقة : لقد بيّنت آيات سابقة عقاب وحكم المحارب الذي يتعرض لأرواح وأموال ونواميس الناس عن طريق التهديد بالسلاح ، أمّا الآيات الثلاث الأخيرة فهي تبيّن حكم السارق والسارقة أي الفرد الذي يسرق خلسة أموال وممتلكات الناس ، فتقول الآية أوّلاً : (وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا).
وقد قدمت هذه الآية الرجل السارق على المرأة السارقة ، بينما الآية التي ذكرت حد وعقوبة الزنا قد قدمت المرأة الزانية على الرجل الزاني ، ولعلّ هذا التفاوت ناشىء عن حقيقة أنّ السرقة غالباً ما تصدر عن الرجال ، بينما النساء الخليعات المستهترات يشكّلن في الغالب العامل والعنصر المحفّز للزنا!
بعد ذلك تبيّن الآية أنّ العقوبة المذكورة هي جزاء من الله لجريمة السرقة المرتكبة من قبل الرجل أو المرأة ، حيث تقول : (جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكلاً مِّنَ اللهِ).
ولكي لا يتوهم الناس وجود الإجحاف في هذه العقوبة ، تؤكد الآية ـ في آخرها ـ على أنّ الله عزيز ، أي قادر على كل شيء ، فلا حاجة له للإنتقام من الأفراد ، وهو حكيم ـ أيضاً ـ ولا يمكن أن يعاقب الأفراد دون وجود مبرر أو حساب لذلك ، حيث تقول الآية : (وَاللهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ).
أمّا الآية الثانية فهي تفتح لمن إرتكب هذه المعصية باب العودة والتوبة ، فتقول : (فَمَنْ تَابَ مِن بَعْدِ ظُلْمِهِ وَأَصْلَحَ فَإِنَّ اللهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ).
والسؤال الوارد هنا هو : هل أنّ التوبة وحدها تكفي لغفران الذنب فقط ، أم أنّها تسقط عنه حد أو عقوبة السرقة أيضاً؟
إنّ المعروف لدى فقهاء الشيعة أنّ مرتكب السرقة إن تاب قبل أن تثبت سرقته في محكمة إسلامية يسقط عنه حدّ السرقة أيضاً ، أمّا إذا شهد عادلان على سرقته فإنّ التوبه لا تسقط عنه الحد.
ثم توجّه الآية الاخرى الخطاب إلى النبي صلىاللهعليهوآله فتقول : (أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللهَ لَهُ مُلْكُ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ يُعَذّبُ مَن يَشَاءُ وَيَغْفِرُ لِمَن يَشَاءُ وَاللهُ عَلَى كُلّ شَىْءٍ قَدِيرٌ).