وعلى العكس من
تجنّب الحرب وطلب العافية وهو الأمر المحبوب لكم ظاهراً ، إلّاأنّه (وَعَسَى أَن تُحِبُّوا شَيًا وَهُوَ
شَرٌّ لَّكُمْ).
ثم تضيف الآية
وفي الختام : (وَاللهُ يَعْلَمُ
وَأَنتُمْ لَاتَعْلَمُونَ). فهنا يؤكد الخالق جلّ وعلا بشكل حاسم أنّه لا ينبغي
لأفراد البشر أن يحكموا أذواقهم ومعارفهم في الامور المتعلقة بمصيرهم ، لأنّ علمهم
محدود من كل جانب ومعلوماتهم بالنسبة إلى مجهولاتهم كقطرة في مقابل البحر.
فهؤلاء الناس
لا يحق لهم مع الإلتفات إلى علمهم المحدود أن يتعرضوا على علم الله اللّامحدود
ويعترضوا على أحكامه الإلهيّة ، بل يجب أن يعلموا يقيناً أنّ الله الرّحمن الرّحيم
حينما يُشرّع لهم الجهاد والزكاة والصوم والحج فكل ذلك لما فيه خيرهم وصلاحهم.
ثم إنّ هذه
الحقيقة تعمّق في الإنسان روح الانضباط والتسليم أمام القوانين الإلهية وتؤدي إلى
توسعة آفاق إدراكه إلى أبعد من دائرة محيطه المحدود وتربطه بالعالم اللّامحدود
يعني علم الله تعالى.
(يَسْأَلُونَكَ عَنِ
الشَّهْرِ الْحَرَامِ قِتَالٍ فِيهِ قُلْ قِتَالٌ فِيهِ كَبِيرٌ وَصَدٌّ عَنْ
سَبِيلِ اللهِ وَكُفْرٌ بِهِ وَالْمَسْجِدِ الْحَرَامِ وَإِخْرَاجُ أَهْلِهِ
مِنْهُ أَكْبَرُ عِنْدَ اللهِ وَالْفِتْنَةُ أَكْبَرُ مِنَ الْقَتْلِ وَلَا
يَزَالُونَ يُقَاتِلُونَكُمْ حَتَّى يَرُدُّوكُمْ عَنْ دِينِكُمْ إِنِ
اسْتَطَاعُوا وَمَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وَهُوَ كَافِرٌ
فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأُولئِكَ
أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ (٢١٧) إِنَّ
الَّذِينَ آمَنُوا وَالَّذِينَ هَاجَرُوا وَجَاهَدُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أُولئِكَ
يَرْجُونَ رَحْمَةَ اللهِ وَاللهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ) (٢١٨)
سبب النّزول
في تفسير مجمع
البيان : قال المفسرو ن : بعث رسول الله صلىاللهعليهوآله سريّة من المسلمين وأمّر عليهم عبدالله بن جحش الأسدي ـ
وهو ابن عمّة النّبي ـ وذلك قبل بدر بشهرين ، على رأس سبعة عشر شهراً من مقدمه
المدينة ، فانطلقوا حتى هبطوا نخلة ـ وهي أرض بين مكة