«رفث» : بالأصل بمعنى الكلام والحديث المتضمن ذكر بعض الامور القبيحة أعم من الامور الجنسية أو مقدماتها ، ثم بات كناية عن الجماع.
«فسوق» : بمعنى الذنب والخروج من طاعة الله.
و «جدال» : تأتي بمعنى المكالمة المقرونة بالنزاع ، وهي في الأصل بمعنى شدّ الحبل ولفّه ، ومن هنا استعملت في الجدال بين اثنين ، لأنّ كلّاً منهما يشدّ الكلام ويحاول إثبات صحة رأيه ونظره.
وهكذا ينبغي أن تكون أجواء الحج طاهرة من التمتعات الجنسية وكذلك من الذنوب والجدال العقيم وأمثال ذلك ، لأنّها أجواء عبادية تتطلّب الإخلاص وترك اللذائذ المادية وتقتبس روح الإنسان من ذلك المحيط الطاهر قوة جديدة تسوقها إلى عالم آخر بعيداً عن عالم المادة ، وفي نفس الوقت تقوي الالفة والإتحاد والإتفاق والاخوة بين المسلمين باجتناب كل ما ينافي هذه الامور.
٣ ـ بعد ذلك تعقب الآية وتبين المسائل المعنوية للحج وما يتعلق بالإخلاص وتقول : (وَمَا تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ).
وهذا أوّل لطف إلهي يناله الصالحون ، فالمرحلة الاولى من لذّة الإنسان المؤمن هي إحساسه بأنّ ما يعمله في سبيل الله إنّما هو بعين الله ، ويا لها لذة.
وتضيف الآية : (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى).
والعبارة تنطوي على توعية المسلمين بالنسبة لعطاء الحج المعنوي وتفتّح أبصارهم على ما في ساحة الحج من معان عميقة تشدّ الإنسان بتاريخ الرسل والأنبياء وبمشاهد تضحية إبراهيم بطل التوحيد ، وبمظاهر عظمة الله سبحانه ممّا لا يوجد في مكان آخر ، ولابد للحاج أن يستلهم من هذه الساحه زاداً يعينه على مواصلة مسيرته نحو الله فيما بقي من عمره.
(وَاتَّقُونِ يَا أُولِى الْأَلْبَابِ).
الآية التالية ترفع بعض الإشتباهات في مسألة الحج وتقول : (لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُنَاحٌ أَن تَبْتَغُوا فَضْلاً مِّن رَّبّكُمْ).
لقد كان التعامل الاقتصادي بكافة ألوانه محضوراً في موسم الحج عند الجاهليين ، وكانوا يعتقدون ببطلان الحج إذا اقترن بالنشاط الاقتصادي ، فالآية مورد البحث تعلن بطلان هذا الحكم الجاهلي وتؤكد أنّه لا مانع من التعامل الاقتصادي والتجاري في موسم الحج ،