(إِنَّ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاخْتِلَافِ اللَّيْلِ وَالنَّهَارِ وَالْفُلْكِ الَّتِي تَجْرِي فِي الْبَحْرِ بِمَا يَنْفَعُ النَّاسَ وَمَا أَنْزَلَ اللهُ مِنَ السَّمَاءِ مِنْ مَاءٍ فَأَحْيَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا وَبَثَّ فِيهَا مِنْ كُلِّ دَابَّةٍ وَتَصْرِيفِ الرِّيَاحِ وَالسَّحَابِ الْمُسَخَّرِ بَيْنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لَآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَعْقِلُونَ) (١٦٤)
مظاهر عظمة الله في الكون : آخر آية في المبحث الماضي دارت حول توحيد الله ، وهذه الآية تقدم الدليل على وجود الله ووحدانيته.
قبل أن ندخل في تفسير الآية ، لابد من مقدمة موجزة. حيثما كان «النظم والإنسجام» فهو دليل على وجود العلم والمعرفة ، وأينما كان «التنسيق» فهو دليل على الوحدة ، من هنا ، حينما نشاهد مظاهر النظم والإنسجام في الكون من جهة ، والتنسيق ووحدة العمل فيه من جهة اخرى ، نفهم وجود مبدأ واحد للعلم والقدرة صدرت منه كل هذه المظاهر.
بعد هذه المقدمة نعود إلى تفسير الآية ، هذه الآية الكريمة تشير إلى ستة أقسام من آثار النظم الموجود في عالم الكون ، وكل واحد منها آية تدل على وحدانية المبدأ الأكبر.
١ ـ (إِنَّ فِى خَلْقِ السَّموَاتِ وَالْأَرْضِ).
يقول العلم لنا اليوم : إنّ في السماء آلافاً مؤلفة من المجرات ، ومنظومتنا الشمسية جزء من واحدة من المجرات ، وفي مجرتنا وحدها مئات الملايين من الشموس والنجوم الساطعة ، وحسب دراسات العلماء يوجد بين هذه الكواكب مليون كوكب مسكون بمليارات الموجودات الحية.
حقاً ما أعظم هذا الكون! وما أعظم قدرة خالقه!
٢ ـ (وَاخْتِلفِ الَّيْلِ وَالنَّهَارِ).
من الدلائل الاخرى على ذاته المقدسة وصفاته المباركة تعاقب الليل والنهار ، والظلمة والنور بنظام خاص ، فينقص أحدهما بالتدريج ليزيد في الآخر ، وما يتبع ذلك من تعاقب الفصول الأربعة ، وتكامل النباتات وسائر الأحياء في ظل هذا التكامل.
٣ ـ (وَالْفُلْكِ الَّتِى تَجْرِى فِى الْبَحْرِ بِمَا يَنفَعُ النَّاسَ).
الإنسان يمخر عباب البحار والمحيطات بالسفن الكبيرة والصغيرة ، مستخدماً هذه السفن للسفر ولنقل المتاع.