كتمان الحق في الأحاديث : حملت الأحاديث بشدة أيضاً على كاتمي الحق ، فروي في المجمع عن رسول الله صلىاللهعليهوآله قال : «من سُئل عن علم يعلمه فكتمه الجم يوم القيامة بلجام من نار».
ونعيد هنا القول أنّ ابتلاء الناس بمسألة والحاجة إلى بيانها يحل محل السؤال ، وبيان الحقائق في هذه الحالة واجب.
وذكر الطبرسي في الاحتجاج : قيل لأمير المؤمنين عليهالسلام : من خير خلق الله بعد ائمة الهدى ومصابيح الدجى؟ قال : «العلماء إذا صلحوا». قيل : فمن شرّ خلق الله بعد إبليس وفرعون و...؟ قال : «العلماء إذا فسدوا ، هم المظهرون للأباطيل ، الكاتمون للحقائق ، وفيهم قال الله عزوجل : (أُولئِكَ يَلْعَنُهُمُ اللهُ وَيَلْعَنُهُمُ اللعِنُونَ).
(إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ (١٦١) خَالِدِينَ فِيهَا لَا يُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنْظَرُونَ (١٦٢) وَإِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ لَا إِلهَ إِلَّا هُوَ الرَّحْمنُ الرَّحِيمُ) (١٦٣)
الذين ماتوا وهم كفار : تحدثت الآيات السابقة عن نتيجة كتمان الحقائق ، وهذه الآيات تكمل الموضوع السابق ، وتتناول جزاء الذين يواصلون طريق الكفر والكتمان والعناد إلى آخر عمرهم. تقول الآية : (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا وَمَاتُوا وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ عَلَيْهِمْ لَعْنَةُ اللهِ وَالْمَلِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ).
هؤلاء أيضاً مثل كاتمي الحق ، مستحقون للعنة الله والملائكة وجميع الناس ، مع اختلاف هو أنّ هؤلاء المصرّين على الكفر حتى نهاية حياتهم لا رجعة لهم طبعاً ولا توبة.
ثم تقول الآية التالية إنّ هؤلاء الكفار المصرّين على كفرهم حتى اللحظات الأخيرة من حياتهم : (خَالِدِينَ فِيهَا لَايُخَفَّفُ عَنْهُمُ الْعَذَابُ وَلَا هُمْ يُنظَرُونَ).
ولما كان التوحيد ينهي كل هذه المصائب ، فالآية الثالثة تطرح هذا الأصل وتقول : (وَإِلهُكُمْ إِلهٌ وَاحِدٌ).
ثم تؤكد هذا الأصل وتقول : (لَّاإِلهَ إِلَّا هُوَ).
بعد ذلك تصف الآية الله بأنّه : «الرَّحْمَنُ الرَّحِيمُ». لتقول إنّ الله الذي يسع كل الموجودات ، برحمته العامة والمؤمنين برحمته الخاصة ، هو اللائق بالعبودية لا الموجودات المحتاجة.