قيل لمّا دخل المبعوث السّوق وأخرج درهما دقيانوسيّا ، اتّهموه بوجدان كنز ، فأتوا به الملك وكان نصرانيّا عادلا ، فقصّ عليه قصّتهم. فقال بعض : أخبرنا آباؤنا انّ فتية فرّوا بدينهم من دقيانوس فلعلهم هؤلاء ، فانطلق الملك بالناس فلما دنوا من الكهف استوقفهم الفتى ليدخل اوّلا ، لئلا يفزعوا ، فدخل فدعوا الله أن يميتهم ، فماتوا وطمس على الباب فلم يره الناس (١) (لِيَعْلَمُوا) أي المطّلعون عليهم (أَنَّ وَعْدَ اللهِ) بالبعث (حَقٌ) فإنّ من قدر على انامتهم وايقاظهم ، قدر على الموت والبعث (وَأَنَّ السَّاعَةَ) القيامة (لا رَيْبَ فِيها) لا شكّ في إمكانها لأنّها كإيقاظهم من رقدتهم الطويلة بالنسبة الى قدرة الله تعالى (إِذْ يَتَنازَعُونَ بَيْنَهُمْ أَمْرَهُمْ) أمر دينهم من بعث الأرواح فقط ، أو مع الأجساد أو : امر الفتية حين ماتوا بعد الاطّلاع عليهم.
فقال بعض : ماتوا ، وقال بعض : ناموا كأوّل مرّة ، أو في البناء حولهم (٢) (فَقالُوا) أي الكفّار : (ابْنُوا عَلَيْهِمْ) حولهم (بُنْياناً) يسترهم من النّاس (رَبُّهُمْ أَعْلَمُ بِهِمْ) اعتراض من الله تعالى ردا على المتنازعين على عهدهم أو عهد الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم. أو من المتنازعين إذ لم يتحققوا حالهم فردّوه الى الله (قالَ الَّذِينَ غَلَبُوا عَلى أَمْرِهِمْ) أمر الفتية وهم المؤمنون (لَنَتَّخِذَنَّ عَلَيْهِمْ مَسْجِداً) نصلّي فيه ، فبنوه في جهة باب الكهف.
[٢٢] ـ (سَيَقُولُونَ) أي المتنازعون في عددهم في زمن الرّسول صلىاللهعليهوآلهوسلم : هم (ثَلاثَةٌ رابِعُهُمْ كَلْبُهُمْ) قاله اليعقوبيّة (٣) من نصارى نجران (وَيَقُولُونَ خَمْسَةٌ سادِسُهُمْ كَلْبُهُمْ)
__________________
(١) تفسير الكشّاف ٢ : ٧١٢ ـ مع اختلاف يسير ـ.
(٢) ورد نظيره في تفسير مجمع البيان ٣ : ٤٦٠.
(٣) اليعقوبية : فرقة من النصارى اتباع يعقوب البراذعي الذي ظهر في الجيل السادس للمسيح وذهب الى ان في المسيح طبيعة واحدة.