تقول ولقد خلطت علينا فما ندري بأى قولك نأخذ ، وأيما أنزل عليك نتبع ، ولقد لبست علينا حتى شككنا فى قولك الأول ، ولو لا ذلك لاتبعناك. قال أبو ياسر : أما أنا فأشهد أن ما أنزل على أنبيائنا حق وأنهم قد بينوا لنا ملك هذه الأمة ، فإن كان محمد صادقا فيما يقول ليجمعن له هذه السنون كلها ثم نهضوا من عنده. فقالوا : كفرنا بقليله وكثيره. فقال جدي لعبد الله بن سلام وأصحابه : أما تعرفون الباطل فيما خلط عليكم. فقالوا : بلى ، نعرف الحق فيما يقول (١) فأنزل الله ـ عزوجل ـ فى كفار اليهود بالقرآن (الم ، اللهُ لا إِلهَ إِلَّا هُوَ الْحَيُ) : الذي لا يموت (الْقَيُّومُ) : يعنى القائم على كل شيء (نَزَّلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ) يا محمد (بِالْحَقِ) لم ينزل باطلا (مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ) : يقول ـ سبحانه قرآن محمد يصدق الكتب التي كانت قبله (وَأَنْزَلَ التَّوْراةَ وَالْإِنْجِيلَ مِنْ قَبْلُ) (٢) (هُدىً لِلنَّاسِ) يعنى لبنى إسرائيل من الضلالة. ثم قال ـ عزوجل ـ : (وَأَنْزَلَ الْفُرْقانَ) يعنى قرآن محمد بعد التوراة والإنجيل يعنى بالفرقان المخرج من الشبهات والضلالة. نظيرها فى الأنبياء (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ) (٣) يعنى المخرج. وفى البقرة : (وَبَيِّناتٍ مِنَ الْهُدى وَالْفُرْقانِ) (٤). (إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللهِ) اليهود ، كفروا بالقرآن يعنى هؤلاء النفر المسلمين وأصحابهم (لَهُمْ عَذابٌ شَدِيدٌ وَاللهُ عَزِيزٌ) فى ملكه وسلطانه (ذُو انْتِقامٍ) (٥) من أهل معصيته.
وأنزلت أيضا فى اليهود فى هؤلاء النفر وما يحسبون من المتشابه (هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ عَلَيْكَ الْكِتابَ مِنْهُ آياتٌ مُحْكَماتٌ هُنَّ أُمُّ الْكِتابِ).
__________________
(١) هذا الأثر أخرجه ابن إسحاق والبخاري فى تاريخه وابن جرير بسند ضعيف عن ابن عباس. وانظر السيوطي فى الدر المنثور ١ : ٢٣.
(٢) أ : هما.
(٣) سورة الأنبياء : ٤٨ (وَلَقَدْ آتَيْنا مُوسى وَهارُونَ الْفُرْقانَ وَضِياءً وَذِكْراً لِلْمُتَّقِينَ).
(٤) سورة البقرة : ١٨٥ ، وفى أ : بينات.
(٥) سورة آل عمران : ١ ـ ٤.