(قالُوا) أى قالت الملائكة لهم : (أَلَمْ تَكُنْ أَرْضُ اللهِ واسِعَةً) من الضيق يعنى أرض الله المدينة (فَتُهاجِرُوا فِيها)؟ يعنى إليها ثم انقطع الكلام فقال ـ عزوجل ـ : (فَأُولئِكَ مَأْواهُمْ جَهَنَّمُ وَساءَتْ مَصِيراً) ـ ٩٧ ـ يعنى وبئس المصير صاروا ، ثم استثنى أهل العذر فقال ـ سبحانه ـ : (إِلَّا الْمُسْتَضْعَفِينَ مِنَ الرِّجالِ وَالنِّساءِ وَالْوِلْدانِ) فليس مأواهم جهنم (لا يَسْتَطِيعُونَ حِيلَةً) يقول ليس لهم سعة للخروج إلى المدينة (وَلا يَهْتَدُونَ سَبِيلاً) ـ ٩٨ ـ يعنى ولا يعرفون طريقا إلى المدينة (فَأُولئِكَ عَسَى اللهُ أَنْ يَعْفُوَ عَنْهُمْ) والعسى من الله واجب (وَكانَ اللهُ عَفُوًّا) عنهم (غَفُوراً) ـ ٩٩ ـ فلا يعاقبهم لإقامتهم عن الهجرة فى عذر. فقال ابن عباس ـ رضى الله عنه : أنا يومئذ من الولدان ، وأمى من النساء. فبعث النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ بهذه الآية إلى مسلمي مكة. فقال جندب ابن حمزة الليثي ثم الجندعي لبنيه : احملوني فإنى لست من المستضعفين وإنى لهاد بالطريق ولو مت لنزلت فى الآية (١). وكان شيخا كبيرا (٢) فحمله بنوه على سريره متوجها إلى المدينة فمات بالتنعيم فبلغ أصحاب النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ موته ، فقالوا : لو لحق بنا لأتم الله أجره فأراد الله ـ عزوجل ـ أن يعلمهم أنه لا يخيب من التمس رضاه فأنزل الله ـ عزوجل ـ : (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ) (٣) يعنى فى طاعة الله إلى المدينة (يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً) يعنى
__________________
(١) فى أ : لنزلت الآية ، ل : لنزلت فى الآية ، والمراد انطبق على وعيد هذه الآية.
(٢) فى أ ، ل : وكان شيخا كبيرا ولو مت لنزلت فى الآية ، فاضطررت إلى تعديلها ليستقيم الكلام.
(٣) فى أ ، ل : فسر عجز هذه الآية قبل صدرها ، أى فسرها هكذا : (وَمَنْ يَخْرُجْ مِنْ بَيْتِهِ مُهاجِراً إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ ثُمَّ يُدْرِكْهُ الْمَوْتُ فَقَدْ وَقَعَ أَجْرُهُ عَلَى اللهِ وَكانَ اللهُ غَفُوراً رَحِيماً) ، (وَمَنْ يُهاجِرْ فِي سَبِيلِ اللهِ يَجِدْ فِي الْأَرْضِ مُراغَماً كَثِيراً وَسَعَةً).