ثيابهم عليهم لا تبلى ولا تنخرق ولا تدنس. وأما السلوى فهو الطير ، وذلك أن بنى إسرائيل سألوا موسى اللحم ، وهم فى التيه ، فسأل موسى ربه ـ عزوجل ـ فقال الله : لأطعمنهم أقل الطير لحما فبعث الله ـ سبحانه ـ السماء فأمطرت لهم السلوى وهي السمانا ، وجمعتهم ريح الجنوب. وهي طير حمر تكون فى طريق مصر فأمطرت قدر ميل فى عرض الأرض (١) وقدر رمح فى السماء بعضه على بعض. فقال الله ـ عزوجل ـ لهم : (كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ) يعنى من حلال. كقوله : (فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً) (٢) يعنى حلالا طيبا فى غير مأثم ، وإذا وجدوا الماء فهو حرام : فمن ثم قال طيبا يعنى حلالا من (ما رَزَقْناكُمْ) من السلوى ، ولا تطغوا فيه يعنى تعصوا الله فى الرزق فيما رزقكم ولا ترفعوا منه لغد فرفعوا وقددوا مخافة أن ينفد ، ولو لم يفعلوا لدام لهم ذلك فقددوا منه ورفعوا فدود وتغير ما قددوا منه وما رفعوا فعصوا ربهم فذلك قوله ـ سبحانه ـ : (وَما ظَلَمُونا) يعنى وما ضرونا يعنى ما نقصونا من ملكنا بمعصيتهم شيئا حين رفعوا وقددوا منه فى غد (وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ) ـ ٥٧ ـ يعنى أنفسهم يضرون نظيرها فى الأعراف قوله ـ سبحانه ـ : (مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ) (٣) إلى آخر الآية.
(وَإِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ) يعنى إيلياء وهم يومئذ من وراء البحر (فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً) يعنى ما شئتم ، وإذ شئتم ، وحيث شئتم (وَادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً) يعنى باب إيلياء سجدا فدخلوا متحرفين على شق وجوههم (وَقُولُوا
__________________
(١) الأرض : ساقطة من ل.
(٢) سورة المائدة : ٦.
(٣) سورة الأعراف : ١٦٠ ، وتمامها (وَقَطَّعْناهُمُ اثْنَتَيْ عَشْرَةَ أَسْباطاً أُمَماً وَأَوْحَيْنا إِلى مُوسى إِذِ اسْتَسْقاهُ قَوْمُهُ أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْبَجَسَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ وَظَلَّلْنا عَلَيْهِمُ الْغَمامَ وَأَنْزَلْنا عَلَيْهِمُ الْمَنَّ وَالسَّلْوى كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَما ظَلَمُونا وَلكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ).