مستوية. (وَكانَ وَعْدُ رَبِّي حَقًّا) (٩٩).
ذكروا عن عقبة بن عامر الجهني قال : كان يومي الذي كنت أخدم فيه النبيّ صلىاللهعليهوسلم ، فخرجت من عنده فإذا أنا برجال من أهل الكتاب معهم مصاحف أو كتب. فقالوا : استأذن لنا على رسول الله. فانصرفت إليه ، فأخبرته بمكانهم. فقال : مالي ولهم يسألونني عمّا لا أدري. وإنّما أنا عبد لا أعلم إلّا ما علّمني الله. ثمّ قال : إيتوني وضوءا ؛ فأتيته بوضوء. فتوضّأ ، ثمّ قام إلى المسجد فركع ركعتين. فما انصرف حتّى بدا لي السرور في وجهه. فقال : اذهب فأدخلهم وأدخل من وجدت بالباب من أصحابي.
فلمّا وقفوا عليه قال : إن شئتم أخبرتكم بما أردتم أن تسألوني عنه قبل أن تتكلّموا. وإن شئتم سألتم وأخبرتكم. قالوا : بل أخبرنا بما جئنا له قبل أن نتكلّم. قال : جئتم تسألونني عن ذي القرنين. وسأخبركم عمّا تجدونه مكتوبا في كتبكم : إنّ أوّل أمره أنّه كان غلاما من الروم ، وأعطي ملكا. فسار حتّى انتهى إلى أرض مصر ، فبنى عندها مدينة يقال لها الإسكندريّة. فلمّا انتهى من بنائها أتاه ملك فعرج به حتّى استقلّه فرفعه ثمّ قال له : انظر ما تحتك. فقال : أرى مدينتي وأرى مدائن أخرى.
ثمّ عرج به فقال : انظر ، فقال : قد اختلطت مدينتي مع المدائن. ثمّ زاد فقال : انظر ، فقال : أرى مدينتي وحدها لا أرى غيرها. فقال له الملك : إنّما تلك الأرض كلّها ، وهذا السواد البحر. وإنّما أراد الله أن يريك الأرض ، وقد جعل لك سلطانا فيها. فسر في الأرض ، فعلّم الجاهل ، وثبّت العالم. فسار حتّى بلغ مغرب الشمس ، ثمّ سار حتّى بلغ مطلع الشمس ، ثمّ أتى السدّين ، وهما جبلان ليّنان يزلق عنهما كلّ شيء ، فبنى السدّ. فوجد ياجوج وماجوج يقاتلون قوما وجوههم كوجوه الكلاب ، ثمّ قطعهم فوجد أمّة قصارا يقاتلون الذين وجوههم كوجوه الكلاب. ثمّ مضى فوجد أمّة من الغرانيق يقاتلون القوم القصار. ثمّ مضى فوجد أمّة من الحيّات تلتقم الحيّة منها الصخرة العظيمة. ثمّ أفضى إلى البحر المدير بالأرض.