قوله : (كَذلِكَ وَقَدْ أَحَطْنا بِما لَدَيْهِ خُبْراً) (٩١) : أي هكذا كان ما قصّ من أمر ذي القرنين.
قال : (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) (٩٢) : أي طرق الأرض ومعالمها لحاجته (حَتَّى إِذا بَلَغَ بَيْنَ السَّدَّيْنِ) (١) : أي بين الجبلين (وَجَدَ مِنْ دُونِهِما قَوْماً لا يَكادُونَ يَفْقَهُونَ قَوْلاً) (٩٣) : أي لا يفقهون كلام غيرهم. وهي تقرأ على وجه آخر : (لا يَكادُونَ يفْقَهُونَ قَوْلاً) أي : لا يفقه أحد كلامهم.
(قالُوا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِنَّ يَأْجُوجَ وَمَأْجُوجَ مُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ) : أي قاتلون الناس في الأرض (فَهَلْ نَجْعَلُ لَكَ خَرْجاً) : أي جعلا (عَلى أَنْ تَجْعَلَ بَيْنَنا وَبَيْنَهُمْ سَدًّا) (٩٤).
(قالَ ما مَكَّنِّي فِيهِ رَبِّي خَيْرٌ) : أي من جعلكم (فَأَعِينُونِي بِقُوَّةٍ) : أي : بعدد ، عدد من الرجال (أَجْعَلْ بَيْنَكُمْ وَبَيْنَهُمْ رَدْماً) (٩٥) (٢).
(آتُونِي) : أي أعطوني (زُبَرَ الْحَدِيدِ) : أي قطع الحديد في تفسير مجاهد (حَتَّى إِذا ساوى بَيْنَ الصَّدَفَيْنِ) : أي رأس الجبلين ، ساوى ما بينهما فسدّه. (قالَ انْفُخُوا) : أي على الحديد (حَتَّى إِذا جَعَلَهُ ناراً) : يعني أحماه بالنار (قالَ آتُونِي أُفْرِغْ عَلَيْهِ قِطْراً) (٩٦) : فيها تقديم ؛ أي : أعطوني قطرا أفرغ عليه. والقطر النحاس ؛ فجعل أساسه الحديد ، وجعل ملاطه (٣) النحاس ليلزمه.
قال بعضهم : ذكر لنا أنّ رجلا قال : يا رسول الله ، قد رأيت سدّ ياجوج وماجوج.
__________________
(١) قال أبو عبيدة في مجاز القرآن ، ج ١ ص ٤١٤ : «(بين السّدّين) مضموم إذا جعلوه مخلوقا من فعل الله ، وإن كان من فعل الآدميّين فهو سدّ ، مفتوح». وقد أنكر الطبريّ هذا الفرق بينهما في تفسيره ، ج ١٦ ص ١٥.
(٢) أصل الردم هو سدّ الثلمة أو المدخل أو نحوهما. «وقيل : الردم أكثر من السدّ ، لأنّ الردم ما جعل بعضه على بعض». انظر اللسان (ردم).
(٣) يقال : ملط الحائط ، أي : طلاه. والملاط : «الطين الذي يجعل بين سافي (أي : صفي اللّبن) في البناء ، ويملط به الحائط». وفي بعض المخطوطات : «وجعل خلاطه النحاس». والمعنى قريب من الأوّل.