في التوراة تغرب في ماء وطين كما قال ابن عبّاس. وإنّما يعني بالحمأة الطين المنتن. ومن قرأها حامية يقول : حارّة. قال : (وَوَجَدَ عِنْدَها قَوْماً قُلْنا يا ذَا الْقَرْنَيْنِ إِمَّا أَنْ تُعَذِّبَ) : قال الحسن : يعني القتل ؛ وذلك حكم الله فيمن أظهر الشرك إلّا من حكم عليه بالجزية من أهل الكتاب إذا لم يسلم وأقرّ بالجزية ، ومن تقبل منه الجزية اليوم. (وَإِمَّا أَنْ تَتَّخِذَ فِيهِمْ حُسْناً) (٨٦) : يعني العفو. قال : فحكّموه ، فحكم بينهم ، فوافق حكمه حكم الله.
(قالَ أَمَّا مَنْ ظَلَمَ) : يعني من أشرك ونافق (١) (فَسَوْفَ نُعَذِّبُهُ) : يعني القتل (ثُمَّ يُرَدُّ إِلى رَبِّهِ فَيُعَذِّبُهُ عَذاباً نُكْراً) (٨٧) : أي عظيما في الآخرة.
(وَأَمَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صالِحاً فَلَهُ جَزاءً الْحُسْنى) : أي الجنّة ، يقول : فله ثواب الجنّة ، والحسنى هي الجنّة (٢). (وَسَنَقُولُ لَهُ مِنْ أَمْرِنا) : أي ما صحبناه في الدنيا وصحبنا (يُسْراً) (٨٨) : يعني المعارف. وقال مجاهد : (مِنْ أَمْرِنا يُسْراً) أي : معروفا. وهو واحد. قال : (ثُمَّ أَتْبَعَ سَبَباً) (٨٩) : أي طرق الأرض ومعالمها لحاجته على ما وصفت من تفسيرهم فيها. (حَتَّى إِذا بَلَغَ مَطْلِعَ الشَّمْسِ وَجَدَها تَطْلُعُ عَلى قَوْمٍ لَمْ نَجْعَلْ لَهُمْ مِنْ دُونِها سِتْراً) (٩٠). قال بعضهم : ذكر لنا أنّهم كانوا في مكان لا يستقرّ عليه البناء ، وأنّهم يكونون في أسراب لهم ، حتّى إذا زالت الشمس عنهم خرجوا في معايشهم وحروثهم. وقال الحسن : إذا طلعت الشمس انسربوا في البحر ، فكانوا في البحر ، فكانوا فيه حتّى تغيب الشمس. فإذا غابت الشمس خرجوا وتسوّقوا (٣) وتبايعوا في أسواقهم وقضوا حوائجهم بالليل.
__________________
(١) كلمة «ونافق» غير واردة في سع ، وهي من زيادات الشيخ هود فيما يبدو. والمنافق لا يقتل لنفاقه.
(٢) قال الفرّاء في المعاني ، ج ٢ ص ١٥٩ : «وقوله : (فله جزاء الحسنى) نصبت الجزاء على التفسير ... وقوله : (جزاء الحسنى) مضاف. وقد تكون الحسنى حسناته فهو جزاؤها. وتكون الحسنى الجنّة ، تضيف الجزاء إليها ، وهي هو. كما قال : (حَقُّ الْيَقِينِ) [الواقعة : ٩٥] ، و (دِينُ الْقَيِّمَةِ) [البيّنة : ٥] و (لَدارُ الْآخِرَةِ خَيْرٌ) [يوسف : ١٠٩]».
(٣) قال الزمخشريّ في أساس البلاغة : «تسوّق القوم : اتّخذوا سوقا». وفي اللسان : «تسوّق القوم إذا باعوا واشتروا».