كانوا يقولون :
أمّا الله فنعرفه ، وأمّا الرحمن فلا نعرفه. قال الله : (قُلِ ادْعُوا اللهَ أَوِ ادْعُوا
الرَّحْمنَ أَيًّا ما تَدْعُوا فَلَهُ الْأَسْماءُ الْحُسْنى) [الإسراء : ١١٠].
وقال : (وَإِذا قِيلَ لَهُمُ
اسْجُدُوا لِلرَّحْمنِ قالُوا وَمَا الرَّحْمنُ أَنَسْجُدُ لِما تَأْمُرُنا) [الفرقان : ٦٠].
هذا في تفسير الحسن.
وقال بعضهم : ذكر
لنا أنّ نبيّ الله صلىاللهعليهوسلم زمان الحديبيّة حين صالح قريشا كتب : هذا ما صالح عليه
محمّد رسول الله. فقال مشركو العرب : إن كنت رسول الله ثمّ قاتلناك لقد ظلمناك ،
ولكن اكتب : هذا ما صالح عليه محمّد بن عبد الله. فقال أصحاب رسول الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله ، دعنا نقاتلهم. قال : ((لا ، ولكن اكتبوا
ما يريدون. إنّي لمحمّد بن عبد الله)) [وإنّي لرسول الله] . فكتب الكاتب : (بسم الله الرحمن
الرحيم) فقالت قريش :
أمّا الرحمن فلا نعرفه. وكان أهل الجاهليّة يكتبون : باسمك اللهمّ ؛ فقال أصحاب رسول
الله صلىاللهعليهوسلم : يا رسول الله ، دعنا نقاتلهم. قال : ((لا ، ولكن اكتبوا
كما يريدون)) ، فأنزل الله (وهم يكفرون بالرّحمن) . (قُلْ هُوَ رَبِّي لا
إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَإِلَيْهِ مَتابِ) (٣٠) : قال الحسن
: يعني التوبة.
قوله : (وَلَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ
الْجِبالُ أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ الْأَرْضُ أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى).
وذلك أنّ رهطا من
قريش قالوا : يا محمّد ، إن كنت كما تزعم فسيّر لنا هذه الجبال من مكّة ، فإنّها
ضيّقة. قال : ((لا أطيق ذلك)). قالوا : فسخّر لنا الريح لنركبها إلى الشام فنقضي
عليها ميرنا وحاجتنا حتّى نرجع من يومنا إن كنت رسول الله ، فإنّها قد
سخّرت لسليمان بن داود ، ولست بأهون على الله من سليمان بن داود. قال : ((لا
أستطيع)). قالوا : فابعث لنا بعض من قد مات منّا فنسألهم أحقّ ما تقول أم باطل ،
فإنّ عيسى قد كان يحيي
__________________